📁 آخر الأخبار

صِيغَتَا التَّعَجُّبِ وإعرابهما

 صِيغَتَا التَّعَجُّبِ وإعرابهما

بِأَفْعَلَ انْطِقْ بَعْـدَ مَـا تَعَجُّبـَا أَوْ جِئْ بـأَفْعِلْ قَبْلَ مَجْرُورٍ بِبَا

وَتِلْوَ أَفْعَـلَ انْصِبَنَّهُ كَـ مَـا أَوْفَى خَلِيلَيْنَا وَأَصْـدِقْ بِهِمَـا 

صيغتا للتعجّب القياسيَة و السَمَاعِيّة

للتّعجب صِيغتان قِيَاسِيَّتان , هما: ما أَفْعَلَهُ ! وأَفْعِلْ بِهِ ! ، نحو قوله تعالى:( قتل الإنسان ما أكفره) ، وقوله تعالى :( واسمع بهم وأبصر) ، ونحو قول الناظم : ما أَوْفَى خَلِيلَيْنَا ! ، ونحو : أَصْدِقْ بِهِمَا ! .

وللتعجب أساليب سَمَاعيّة , منها : سبحانَ اللهِ ! للهِ دَرُّه فارساً ! , والاستفهام المقصود منه التعجّب , كما في قوله تعالى: (كيف تكفرون بالله...) إلخ . 

صِيغَتَا التَّعَجُّبِ وإعرابهما



أعراب صِيغتي التّعجّب و معنى كلّ صِيغة منهما :

إعراب الصيغة الأولى , ومثالها : مَا أَحْسَنَ زيداً !

ما : اسم تعجُّب مبني على السكون في محل رفع مبتدأ .

أحسنَ : فعل ماضٍ مبني على الفتح , والفاعل : ضمير مستتر وجوباً ، تقديره 

( هو ) يعود إلى ( ما ) والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر ( ما ) .

زيداً : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .

ومعنى هذه الصَّيغة : شيءٌ أحسنَ زيداً ( أي : جَعله حَسَناً ) .

إعراب الصّيغة الثانية , ومثالها : أَحْسِنْ بزيدٍ !

أحسنْ : فعل أمر للتَّعجّب مبني على السكون .

بزيدٍ : الباء حرف جر زائد مبني على الكسر , وزيدٍ : فاعل مرفوع بضمة مقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي حركة حرف الجر الزائد . والمعنى : صار زيدٌ ذا حُسْنٍ .

وهناك إعراب آخر - وهو مشهور عند البصريين - وهو :

أحسنْ : فعل ماضٍ جاء على صيغة الأمر .

بزيدٍ : الباء حرف جر زائد , وزيدٍ : فاعل مرفوع بضمة مقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي حركة حرف الجر الزائد .

والمعنى : حَسُنَ زيدٌ ( أي : صار ذا حُسْنٍ ) .

وإنَما حوّلوا الفعل إلى صورة الأمر ؛ ليكون بصورة الإنشاء , ولماَّ كان فعل الأمر لا يأتي فاعله اسما ظاهرا زادوا (الباء) ليكون الفاعل على صورة الفَضْلة ، فيكون فاعلا محلاً. * أما الكوفيون فيعربونه هكذا :

أحسنْ : فعل أمر مبني على السكون , والفاعل : ضمير مستتر تقديره : أنت .

( وفي عَوْدِ الضمير خِلاف ) .

بزيد : الباء حرف جر زائد , وزيدٍ : مفعول به منصوب بفتحة مقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي حركة حرف الجر الزائد .

والمعنى : يا حُسْنُ أَحْسِنْ بزيدٍ ( أي احْكُمْ بِحُسْنِه ) . 

آراء العلماء في نوع ( ما ) التعجبيّة  واذكر ما يترتّب على ذلك من اختلاف في المعنى والإعراب .

1- سيبويه : يرى أنها نكرة تامَّة ، بمعنى : شيء .

والنكرة التَّامة , هي : التي لا تحتاج إلى ما بعدها ليكون صفة لها .

وعلى هذا الرأي تكون ( ما ) مبتدأ , والجملة بعدها خبر عنها . والمعنى : شيءٌ أحسنَ زيداً ( أي جعله حسنا ) .

2- الأخفش : يرى أنها معرفة ناقصة ، بمعنى : الذي (أي : إنها اسم موصول) يحتاج إلى ما بعده ليكون صلة ، وعلى هذا تكون ( ما ) مبتدأ , والجملة بعدها لا محل لها من الإعراب ؛ لأنها صلة الموصول , والخبر محذوف ، والتقدير : الذي أحسنَ زيداً شيءٌ عظيمٌ , وهذا هو المعنى .

3- الفَرَّاء , وابن دَرَسْتَويه : يريان أنها استفهاميّة , ونُقِل ذلك عن الكوفيين .

وعلى هذا تكون ( ما ) مبتدأ , والجملة بعدها خبر عنها ، والمعنى : أيُّ شيءٍ أحسنَ زيداً ؟

4- قول آخر للأخفش : يرى أنها نكرة ناقصة ( أي: تحتاج إلى ما بعدها ليكون صفة لها ) وعلى هذا تكون ( ما ) مبتدأ , والجملة بعدها صفة لها ,

والخبر محذوف , والتقدير : شيءٌ أحسنَ زيداً عظيمٌ .

الدليل على فِعْلية صيغتي التّعجب ؟

اسْتُدِلَّ على فعلية ( ما أَفْعَلَ ) بلزوم نون الوقاية له إذا اتّصلت به ياء المتكلم , نحو : ما أَفْقَرني إلى عفو الله .

واسْتُدِلَّ على فعلية ( أَفْعِلْ ) بدخول نون التوكيد عليه , كقول الشاعر :

ومُسْتَبْدِلٍ مِنْ بَعْدِ غَضْبَى صُرَيْمَةً فَأَحْرِ بِـهِ مِنْ طُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيَـا

الشاهد فيه : أحريا , فقد أكَّد الشاعر صيغة التَّعجب بالنون الخفيفة , ثم أبدل النون ألفا في الوقف ، والأصل : وأَحْرِيَنْ .

ومعلوم أنّ نون الوقاية , ونون التوكيد تختصان بالأفعال .

حكم حذف المتعجَّب منه :-

وَحَذْفَ مَـا مِنْهُ تَعَجَّبْتَ اسْتبَِحْ إِنْ كَانَ عِنْدَ الْحَذْفِ مَعْنَاهُ يَضِحْ

حكم حذف المتعجَّب منه و شرط حذفه :

يجوز حذف المتعجَّب منه في كلا صيغتي التعجُّب (ما أفْعَلَه ، وأَفْعِلْ بِهِ) بشرط أنْ يدلّ عليه دليل . وهذا معنى قوله:" إن كان عند الحذف معناه يَضِح" ( أي : معناه يتَّضِحْ ) .

فمثال الحذف في صيغة ما أفعله , قول الشاعر :

أَرَى أُمَّ عَمْرٍو دَمْعُهَا قَدْ تَحَدَّرَا بُكَاءً على عَمْرٍو وما كَانَ أَصْبَرَا

فحذف الشاعر المتعجَّب منه , وهو الضمير ، والتقدير : وما كان أصبرها ؛ وقد جاز حذفه لدلاله ما قبله عليه , وهو : أم عمرٍو .

ومثال حذف صيغة أَفْعِلْ به , قوله تعالى : والتقدير

- والله تعالى أعلم - وأبصر بهم , فحذف المتعجب منه ( بهم ) لدلالة ما قبله عليه ؛ وذلك لأن ( أبصر ) معطوف على ( أسمعْ بهم ) وقد ذُكر المتعجب منه؛ ولذلك يرى جماعة من النحاة أنه يكثر حذف المتعجّب منه في صيغة (أفعل به) إذا كان معطوفا على مِثله قد ذُكِر معه المتعجّب منه , كما في الآية السابقة .

حكمُ تَصَرُّفِ فعلي التَّعجُّبِ :-

وَفى كِلاَ الفِعْلَيْنِ قِدْمـاً لَزِمَـا مَنْـعُ تَصَرُّفٍ بِحُكْمٍ حُتِمَـا

حكم تصرُّف فعلي التّعجّب :

فعلا التّعجّب لا يتصرفان , بل يلزم كلٌّ منهما صيغة واحدة فلا يُستعمل من ( ما أَفْعَلَه ) غير الماضي , ولا يُستعمل من ( أَفْعِلْ به ) غير الأمر ، وهذا بالإجماع .

شروطُ صِيَاغَةِ فِعْلَي التَّعَجُّبِ :

وَصُغْهُمَا مِنْ ذِى ثَلاَثٍ صُرَّفَـا قَابِلِ فَضْلٍ تَمَّ غَيْرِ ذِى انْتِفَـا

وَغَيْرِ ذِى وَصْفٍ يُضَاهِى أَشْهَلاَ وَغَـيْرِ سَـالِكٍ سَبِيلَ فُعِـلاَ

شروط صياغة فعلي التعجب ؟

يُشترط في الفعل الذي يُصاغ منه فعلا التعجب سبعة شروط , إذا تحقَّقَت تُعُجَّبَ من الفعل مباشرة , وإذا لم يتحقَّق شرط منها أَتَيْنَا بفعل آخَر تتحقَّق فيه الشروط ,أما الشروط السَّبعة , فهي :

1- أن يكون الفعل ثلاثياً , فلا يُصَاغان من غير الثلاثي المجرَّد , كدحرج , وانطلق , واستخرج .

2- أن يكون مُتصرَّفا , فلا يُصَاغان من فعل جامد ,كنِعْم , وبئس , وعسى , وليس .

3- أن يكون معناه قابلا لِلْمُفَاضَلَة , فلا يصاغان من نحو : مات ، وفَنِيَ , وغَرِقَ , وعَمِيَ ، ونحوها ؛ لأنها غير قابلة للمُفَاضَلَة ، فالموت واحد , وكذلك الفَنَاء , والغَرَق ، والعَمَى .

4- أن يكون تامّا , فلا يُصَاغان من الفعل النَّاقص , ككان وأخواتها. وأجازه الكوفيون ؛ يقولون : ما أَكْوَنَ زيداً قائماً ! .

5- أن يكون مُثْبَتاً , فلا يصاغان من الفعل المنفيّ سواء أكان ملازما للنّفي , أم غير مُلازم . فمثال الفعل الملازم للنّفي : ماعَاجَ فلانٌ بالدَّواء ( أي ما انْتَفَعَ به ) فالفعل ( عاج ) الذي مضارعه ( يَعِيجُ ) ملازم للنفي في أغلب أحواله لا يُفارقه إلا نادراً .

ومثال غير الملازم للنفي : ما ضربتُ زيداً . فالفعل (ضرب) يُستعمل في النّفي ، كما في المثال , ويُستعمل بغير النّفي كثيراً ؛ تقول : ضربتُ زيداً .

6- ألاَّ يكون الوَصْفُ منه على وزن أَفْعَلَ الذي مؤنثه فَعْلاَءُ , فلا يُصاغان من الأفعال الدَّالَّة على الألوان , كسَوِدَ , وحَمِرَ ؛ لأن الوصف منها يكون على وزن أَفْعَلَ ومؤنثه فَعْلاَءُ ؛ تقول : أَسْوَدُ سَوْدَاءُ , وأَحْمَرُ حَمْرَاءُ ؛ ولا يصاغان

من الأفعال الدالة على العُيوب ,كحَوِلَ ,وعَوِرَ ؛ لأن الوصف منها على أَفْعَلَ فَعْلاَءَ ؛ تقول : أَحْوَلُ حَوْلاَءُ , وأَعْوَرُ عَوْرَاءُ .

7- أن يكون مبنياً للمعلوم , فلا يصاغان من الفعل المبني للمجهول ,كضُرِبَ , ويُضْرَبُ ؛ احترازاً من اللَّبس . فإذا صُغْتَه من المبني للمجهول (ضُرِبَ) فقلت : ما أَضْرَبَ زيداً , الْتَبَسَ الأمر على السَّامع فلا يَدري أتتعجَّبُ من أنه ضارب أم مضروب ؟ ويجوز ذلك إنْ أُمن اللَّبس , كأن يُصاغ من الفعل الذي لا يأتي إلا مبنيّا للمجهول , نحو : زُهِيَ علينا , وعُنِيْتُ بالأمرِ ؛ فتقول : ما أَزْهَاهُ علينا ! وما أَعْنَاهُ بالأمرِ ! .

وإليك الآن بعض الأمثلة لأفعال تحققت فيها الشروط :

1- ما أَعْدَلَ القَاضِي ! فالفعل ( عَدَل ) ثلاثي , تامٌّ , مُثبت , مبني للمعلوم , متصرَّف , ليس الوصف منه على ( أَفْعَل ) قابل للمُفاضلة ؛ لأن العَدْل في النَّاس ليس بدرجة واحدة .

2- ما أَنْقَى الماءَ ! 3- ما أَوْفَى خليلَنا ! 4- أَصْدِقْ بأبي بكرٍ ! .

كَيْفِيَّة التعجب من الفعل الذي لم تتحقَّق فيه الشروط :

وَأَشْـدِدَ أَوْ أَشَـدَّ أَوْ شِبْهُهُمَا يَخْلُفُ مَا بَعْضَ الشُّرُوطِ عَدِمَا

وَمَصْـدَرُ العَادِمِ بَعْـدُ يَنْتَصِبْ وَبَعْـدَ أَفْعِلْ جَرُّهُ بِالْبَـا يَجِبْ

التعجَّب من الفعل الذي لم تتحقَّق فيه الشروط :

الفعل الذي لم تتحقَّق فيه الشروط يُتَوصَّل إلى التعجُّب منه بفعل آخر تتحقَّق فيه الشروط , كَـ ( أَشْدِدْ , أو أَشَدَّ ) ونحوهما ، ويُؤتى بعده بمصدر الفعل الذي لم تتحقّق فيه الشروط , ويكون منصوبا بعد ( أَفْعَلَ ) على أنه مفعول به , ويُجَرُّ بعد ( أَفْعِلْ ) بالباء . فإذا أردت التعجّب من الفعل الرباعي

( دحرج ) أو الثلاثي المزيد ( استخرج ) أو ما دلّ على عيب ( عَوِر ) أو دلّ على لون ( حَمِرَ ) قُلْتَ : ما أشدَّ دحرجتَه واستخراجَه! وأَشددْ بدحرجتِه واستخراجِه ! وما أَقْبَحَ عَوَرَهُ , وأقبحْ بعورِهِ ! وما أَكْثَرَ حُمْرَتَهُ , وأَكْثِرْ بِحُمْرَتِهِ !

* إذا كان الفعل منفيا ، أو مبنيا للمجهول أُتِيَ بمصدرهما مُؤولاً , نحو : ما أقبحَ أنْ يُعاقبَ البَرِئُ ! وما أضرَّ أنْ لا يَصْدُقَ التاجرُ ! .

ويجوز في غيرهما أن يكون المصدر صريحا ، أو مُؤولا , نحو : ما أحسنَ إيمانَه ! وما أحسنَ أنْ يُؤمِنَ ! ونحو : ما أجملَ احْمِرَارَه ! وما أجملَ أن يَحْمَرَّ ! . *

حكم ما ورد التعجُّب منه مع عدم تحقّق الشروط فيه :

وبِالنُّدُورِ احْكُمْ لِغَيْرِ مَـا ذُكِرْ وَلاَ تَقِسْ عَلَى الَّذِى مِنْهُ أُثِـرْ

حكم ما ورد التعجّب منه مع أنّ الشروط لم تتحقَّق فيه :

الفعل الذي لم تتحقّق فيه الشروط وسُمِعَ من كلام العرب التعجّب منه حُكِم عليه بالنُّدُور ( نَادِر ) ولا يُقاس على ما سُمِع منه , وذلك كقولهم :

ما أَخْصَرَهُ ! مع أنّ الفعل ثلاثي مزيد , ومبني للمجهول , وهو ( اُخْتُصِرَ ) وكقولهم : ما أَحْمَقَهُ ! مع أنّ الوصف منه على (أَفْعَل) تقول : حَمِقَ : أَحْمَقُ . وكقولهم : ما أَعْسَاهُ , وأَعْسِ بِه ! مع أن الفعل ( عسى ) جامد غير متصرَّف . وهذا كلُّه نادر لا يُقاس عليه .

حكم تقديم معمول فِعل التّعجّب عليه وحكم الفصل بينهما :

وَفِعْلُ هَذَا البَـابِ لَنْ يُقَدَّمَـا مَعْمُولُهُ وَوَصْـلَهُ بِمَـا الْزَمَـا

وَفَصْلُهُ بظَرْفٍ أَوْ بِحَـرْفِ جَـرْ مُسْتَعْمَلٌ وَالْخُلْفُ فى ذَاَكَ اسْتَقَرّْ

حكم تقديم معمول فعل التعجب عليه :

لا يجوز تقديم معمول فعل التعجب عليه ؛ فلا تقول : زيداً ما أَحْسَنَ , ولا : ما زيداً أحسنَ , ولا : بزيدِ أَحْسِنْ ؛ ذلك لأنّ فعل التعجّب جامد غير متصرف , والفعل الجامد ضعيف في ذاته لا يتصرّف في نفسه ولذلك لا يتصرّف في معموله لا بتقديمه عليه ، ولا بالفصل بينه وبين معموله .

حكم الفصل بين فعل التعجب ومعموله :

لا يجوز الفصل بين فعل التعجب ، ومعموله بأجنبيّ غير مُتعلّق بفعل التعجب , ولا صِلة له به , بل يجب الوصل بينهما . ففي قولنا : ما أحسنَ مُعطيَك الدرهمَ ! وما أحسنَ مارًّا بزيدٍ ! وما أحسنَ جالساً عندك ! لا يجوز أنْ تقول فيها: ما أحسنَ الدرهمَ معطيك ، ولا : ما أحسنَ بزيدٍ مارًّا , ولا :

ما أحسنَ عندك جالساً ؛ وذلك لأن الفاصلَ أجنبيٌّ غير متعلّق بفعل التعجب , فالدرهم متعلّق بـ (معطيك) فهو مفعول ثانٍ له ,ولا علاقة له بفعل التعجب ,

وكذلك الجار والمجرور ( بزيد ) متعلق بالفعل ( مارًّا ) ولا علاقة له بفعل التعجب , وكذلك بالنسبة للظرف ( عندك ) أمّا إذا كان الظرف ، أو المجرور غير أجنبيٍّ ( أي : متعلق بفعل التعجب نفسه ) ففي الفصل بينهما خلاف . والمشهور الجواز , خلافاً للأخفش ، والمبرَّد ، ومن وافقهما .

ونُسِب مَنْعُ الفصلِ إلى سيبويه . ومما ورد فيه الفصل في النثر ، قول عمرو بن مَعْد ِيكَرِب : " للهِ دَرُّ بني سُلَيْمٍ ما أَحْسَنَ في الْهَيْجَاءِ لِقَاءَها , وأَكْرَمَ في اللَّزَبَاتِ عَطَاءَها , وأَثْبَتَ في الْمَكْرُمَاتِ بَقَاءَها "، فقد فَصل بين فعل التعجب ، ومعموله بالجار والمجرور ( في الهيجاء , وفي اللزبات , وفي المكرمات ) .

ومن ذلك قول عليًّ رضي الله عنه وقد مرّ بعمَّار فمسحَ الترابَ عن وجهه :

" أَعْزِزْ عَلَيَّ أبا اليَقْظَانِ أنْ أَرَاكَ صَرِيعاً مُجَدًّلاً " فقد فصل بين فعل التعجب

( أعززْ ) ومعموله المصدر المؤول ( أنْ أراك ) بالمجرور ، والنداء ( عليَّ أبا اليقظان ) وهذا يدلّ على جواز الفصل بالنداء أيضاً .

ومما ورد الفصل بينهما في الشعر ، قول الشاعر :

وَقَالَ نَبِيُّ الْمُسْلِمِـينَ تَقَـدَّمُوا وأَحْبِبْ إِلَيْنَا أنْ تَكُونَ الْمُقَدَّمَا

فقد فصل الشاعر بين فعل التعجب (أحببْ) ومعموله المصدر المؤول (أن تكون) بالمجرور (إلينا) ومن ذلك قول الآخر :

خَلِيلَيَّ مَاأَحْرَى بِذِى اللُّبَّ أَنْ يُرَى صَبُوراً ولَكِنْ لا سَبِيلَ إلى الصَّـبْرِ

فقد فصل الشاعر بين فعل التعجب (أحرى) ومعموله المصدر المؤول (أن يرى) بالمجرور ( بذى اللُّبِّ ) والسَّبب في جواز الفصل أنَّ الجار والمجرور في كل ما سبق متعلَّق بفعل التعجب لا بمعموله .

تعليقات