القبض في الصلاة
هو الصحيح عند جمهور علماء الإسلام - وهو الصحيح والراجح عند الإمام مالك والمالكية :
وذلك لورود الأحاديث الصحيحة في القبض ، ولم يرد في السدل شيء من السنة ، والسدل هو إرسال اليد .
والقبض هو : "وضع كف اليد اليمنى على رسغ اليسرى على الصدر في الصلاة".
وهو المُعتمَد و الراجح عند الإمام مالك وكبار أئمة المذهب ، وأدلَّتُهم واضحة لا غُبارَ عليها .
وممَّن نصَّ على سنية و استحباب القبْض من أئمة المالكية المَشهود لهم بالاجتهاد في المذهب :
الإمام الحافظ ابن عبدالبر والإمام الفقيه الأصولي القاضي أبو الوليد الباجيُّ ، والإمام الفقيه القاضي أبو الوليد بن رُشد (الجَدُّ)، والإمام الفقيه الأصولي القاضي أبو بكر بن العربيِّ المعافريُّ، والإمام الفقيه ابنُ رشد (الحفيد) والإمام الفقيه القاضي عِياضٌ ، والإمام الفقيه أبوعبدالله المازَريُّ ، ومن المتأخرين العلامة الفقيه الأصولي المفسر محمد الأمين الشنقيطي .
كما بيَّن ذلك العلامة الفقيه أبو عبد الله المسناويُّ المالكي في رسالته التي ألَّفها في سُنّيَّة القبْض في الصلاة على مذهب مالك .
وكذلك شيخُنا العلامة المُحدِّث السيد محمد ابن جعفر الكَتَّانيّ الحسَنيّ المالكي في كتابه المسمَّى [“سلوك السبيل الواضح إلى أن القبْض في الصلواتِ كلِّها على مذهب مالك مَشهورٌ وراجح”]
وهو كتاب نَفيسٌ قرأتُه في مكتبة مُؤلِّفه الخاصَّة بفاس .
وكذلك للعلامة الشيخ محمد المكّيِّ بن عَزُّوز المالكيّ رسالة في سُنِّيَّةِ القبْض في الصلاة على مَذهب مالك اسمها “هيئة الناسِك”
كما رجَّح العلامة محمد الطالِب بن الحاجِّ في حاشيته على “شرْح المُرشد المُعين” سُنِّيَّة القبْض أيضًا، وهي حاشية مُحرَّرة مُعتمَدة عندنا بالمَغرب.
أمَّا من حيث الحديث فالأحاديث في القبْض متواترةٌ؛ لأن الصحابة الذين رَوَوْها عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، تَجاوَزَ عددُهم عشرين صحابيا ، ثم هي مُخرّجة في الصحيحين البخاري ومسلم مع الكتب الستَّة وغيرها، كمُستدرك الحاكِم وصِحاح ابْنِ حبَّانٍ وابن خُرَيمة وابن الجارود والإسماعيليّ والجوزقيّ، عدَا كُتب السنن والمَسانيد.
ولهذا أخذ الأئمة الثلاثة بالقبْض، بل مالك نفسه كان يَقْبض، وروَى عنه أصحابه المَدنيُّونَ القبْض .
ورواية أشهب عن الإمام مالك : "أن وضع اليد على الأخرى مستحب في الفريضة والنفل"
ولا يُوجد في مذهب مالك قول بالسدْل إلا رواية ابن القاسم، وهي واردة في المدونة في : ( باب صلاة الليل ) وفيه كَراهة القبْض للاعتماد ، لأنهم كانوا في قيام الليل يستندون على الجدار أو يقبضون على حبل وذلك لطول القيام في صلاة الليل .
ولم يَرِدْ في السدْل حديثٌ صحيح ولا حَسن ولا ضعيف، بل ولا موضوع أيضًا.
وكلام الشيخ عليش في فَتاوِيهِ مَرْدُودٌ جملةً وتَفصيلًا، وهو أحَدُ أخطائه المَعدودة في تلك الفتاوى، وما يَذكره عليش وغيره من أن السدْل عملُ أهل المدينة باطلٌ لا أصلَ له ؟!
فإن مالِكًا يقصد بعمل أهل المدينة : فُقهاءَها من الصحابة والتابعين الذين منهم شُيوخه .
مثل : عمر وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وسعيد بن المسيّب ونافع والزهريِّ وغيرهم، وهؤلاء ثَبَتَ عنهم تَواتُر القبْض عملًا وقولًا، ولم يَرِدْ في شيء مِن الكتب نِسبةُ السدْل إلى واحد منهم ولو بسَند واحد ضعيف .
فاستحباب القبض في الفرائض والنوافل هو مذهب مالك الذي كان يعمل به في نفسه ورَوَى حديثَه في المُوطَّأِ ولَقَّنَهُ لأصحابه المَدَنِيِّينَ.