الاستعارة باعتبار ذاتها
قد تقيد – كما يقول القزويني -: " بالتحقيقية، لتحقق معناها حساً أو عقلاً أي: التي تتناول أمراً معلوماً يمكن أن ينص عليه ويشار إليه إشارة حسية أو عقلية، فيقال: إن اللفظ نقل من مسماه الأصلي فجعل اسماً له على سبيل الإعارة للمبالغة في التشبيه، أما الحسي فكقولك: " رأيت أسداً" وأنت تريد رجلاً شجاعاً، وأما العقلي فكقولك " أبديت نوراً" وأنت تريد " حجة" فإن الحجة مما يدرك بالعقل ومن غير وساطع حس، إذ المفهوم من الألفاظ هو الذي ينور القلب ويكشف عن الحق لا الألفاظ أنفسها، وعليه قوله عز وجل: ] اهدنا الصراط المستقيم[ أي: الدين الحق، ولم يبن لي كبير فرق بين الاستعارة المكنية والتخيلية من كلامه، واللازم المذكور في بيت أبي ذؤيب ترشيح، وفرق صاحب الطراز بينهما " بأن ما كان من الاستعارات لا يفهم منه معنى التشبيه لا على قرب ولا على بعد كقوله:
أثمرت أغصان راحته = لجناة الحسن عنابــا
فهو محقق لا يفهم منه معنى التشبيه بحال، ولو ذهبت التشبيه أخرجته عن حقيقة البلاغة، وسلبت عنه ثوب جمالها، وما كان يفهم منه معنى التشبيه الذي لا يدرك في الوجود ويكون متصوراً في الخيال فهذه هي الاستعارة الخيالية كقوله تعالى ] بل يداه مبسوطتان[ ، وجميع آيات التشبيه كلها من باب الاستعارة الخيالية.