همزة الاستفهام مع الفعل الماضي
.
هناك فرقٌ بين سؤالك (أَكَتَبْتَ الدرْسَ؟) وبين سؤالك (أَأَنْتَ كَتَبْتَ الدرْسَ؟).
السؤالُ واقعٌ على (الكلمة) بعد أداة الاستفهام (الهمزة).
.
ففي المثال الأوَّل (أَكَتَبْتَ الدرْسَ؟): أنْتَ لا تَعْلَمُ إنْ كُتِبَ الدرسُ أو لا. وتسأل المخاطَب إنْ كان كَتَبَه.
.
وفي المثال الثاني (أَأَنْتَ كَتَبْتَ الدرْسَ؟): أنت تَعْلَمُ أنَّ الدرسَ قَدْ كُتِب، ولكنْ لا تَعْلَمُ مَنْ كَتَبَه. فتسأل المخاطَب إنْ كان هو الكاتب.
.
فأداة الاستفهام (الهمزة) قد يقع بعدها (فعل) أو (اسم). وفرق بين الحالَتَيْن.
يقول عبد القاهر الجرجاني في دلائل الإعجاز: "فإنَّ مَوْضِعَ الكلامِ عَلَى أنَّكَ إذا قلتَ: (أَفَعَلْتَ؟)، فَبَدَأْتَ بالفعل كان الشَّكُّ في الفعل نفسِه، وكان غَرَضُك مِن استفهامِكَ أنْ تَعْلَمَ وُجُودَهُ، وإذا قُلْتَ: (أَأَنْتَ فَعَلْتَ؟)، فَبَدَأْتَ بالاسم كان الشَّكُّ في الفاعِلِ مَنْ هو، وكانَ التردُّدُ فيه".
همزة الاستفهام مع الفعل المضارع:
هناك فرقٌ بين سؤالك (أَتَضْرِبُ أخاك؟) وبين سؤالك (أَأَنْتَ تَضْرِبُ أخاك؟).
إذا كان مقصودُ المتكلم أنَّ الفعل المضارع (يضرب) يقع في الزمن الحالي وليس المستقبل (أي: الضرب قد وقع الآن) فإنَّ هذه الحالة شبيهة بما ذُكر مع الفعل الماضي. والفرقُ بين الجملتين كما يلي:
ففي المثال الأوَّل (أَتَضْرِبُ أخاك؟): أنت تطلُبُ اعترافا بوجود الضرب. فأنت تسأل كأنَّكَ لا تعلم إنْ حَصَلَ الضرْبُ أو لا. (في هذه الحالة: الاعتراف أو الإقرار يدور حول وجود الضرب).
وفي المثال الثانـي (أَأَنْتَ تَضْرِبُ أخاك؟): أنت تطلُبُ اعترافا بأن المخاطَب هو الضارب. فأنت تسأل كأنك لا تعلم إنْ كان المخاطَب هو الضارب أو غيره. (في هذه الحالة: الاعتراف أو الإقرار يدور حول مَنْ قام بالضرب لأنَّ الضرب قد حصل).
.
وإذا كان مقصودُ المتكلم أنَّ الفعل المضارعَ (يضرب) يقعُ في الزمن المستقبل (أي: الضرب سيقع في المستقبل) فإنَّ هذه الحالة تَعني إنكار اللَّفظ الواقع بعد الاستفهام. والفرقُ بين الجملتين كما يلي:
ففي المثال الأوَّل (أَتَضْرِبُ أخاك؟): أنت تُنكر وجود الضرب في المستقبل. فتزعم أن الضرب لن يوجد أو أنَّه لا ينبغي أن يوجد.
وفي المثال الثاني (أَأَنْتَ تَضْرِبُ أخاك؟): أنت تُنْكر أن يكون المخاطب هو مَنْ سيضرب (وأنت هنا لا تُنكر وجود الضرب في المستقبل، بل تُنكر أن يكون المخاطب هو مَنْ سيضرب في المستقبل).
.
يقول عبد القاهر الجرجاني: "والقول في ذلك أنّك إذا قلت: (أتفعل؟) و(أأنت تفعل؟)، لم يَـخْلُ مِنْ أنْ تُرِيدَ الحالَ أو الاستقبال:
- فإنْ أَرَدْتَ الحال: كانَ المعنى شبيهاً بما مضى في الماضي، فإذا قُلت: (أتفعل؟) كان المعنى على أنّك أردتَ أنْ تُقرِّرَه بفعل هو يفعله، وكنت كَمَنْ يُوهِم أنَّه لا يَعلم بالحقيقة أنَّ الفعلَ كائن، وإذا قُلْتَ: (أأنت تفعل؟) كان المعنى على أنَّكَ تريدُ أنْ تُقَرِّرَهُ بأنَّه الفاعل، وكان أمرُ الفعلِ في وُجُودِهِ ظاهِراً، بحيثُ لا تحتاجُ إلى الإقرار بأنَّهُ كَائِن.
- وإنْ أردتَ بــ (تفعل) المستقبلَ: كان المعنى إذا بدأت بالفعل على أنَّك تعمَدُ بالإنكار إلى الفِعل نفسه، وتزعُمُ أنَّه لا يكونُ أو أنَّهُ لا ينبغي أن يكون... فإن بدأت بالاسم فقلت: «أأنت تفعل؟» أو قلت: «أهو يفعل؟»، كنتَ وَجَّهْتَ الإنكار إلى نفسِ المذكور، وأَبَيْتَ أنْ تكونَ بموضعِ أنْ يجيء منه الفعلُ وممَّنْ يجيءُ منه، وأن يكونَ بتلك المثابة".