📁 آخر الأخبار

الإيجاز والإطناب والمساواة

الإيجاز والإطناب والمساواة


هي طرق التعبير عما يكون في النفس من معان تكون على حسب حال المخاطب . 


 الإيجاز : أن تأتي الألفاظ قليلة والمعنى كثير . 

 والإطناب عكسه : وهو أن تأتي الألفاظ كثيرة .

 والمساواة : أن تساوي الألفاظ المعنى . 


أولا.(( الإيجاز )) هو جمع معان كثيرةألفاظ أقل منها مع الإبانة والإفصاح . 


يعني الإيجاز هو أن يجمع المتكلم معان كثيرة في ألفاظ أقل منها ،ويشترط فيه أن تصحبه الإبانة والإفصاح فإن لم يفِ بالغرض سمي إخلالا . 


 ومن الأمثلة على ذلك : 


 قوله تعالى :

 { أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ } 

فهذه الآية مع قلة ألفاظها فقد جمعت جميع الأشياء والشؤون على وجه الاستقصاء ، وهذا يسمى إيجازا . فلفظ الآية قليل والمعنى كثير . 


كذلك من الأمثلة : 

 حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 " إنما الأعمال بالنية " . 

 هذه ألفاظ قليلة لها معان كثيرة فقد جمع هذا الحديث الدين كله . 


 وأيضا من الأمثلة على ذلك : 

 حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :


 " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ". 

 هذا الحديث ألفاظه قليلة ومع ذلك جمع معان كثيرة ،وهذا يسمى بالإيجاز . 


 ومن الأسباب التي تجعل المتكلم يوجز في كلامه : 


 تسهيل الحفظ فالعلماء يكتبون المختصرات وهي موجزة ليسهل حفظها ،وكذلك لتقريب الفهم، ليفهم الجميع .

 قد يتكلم الشيخ محاضرة موجزة حتى يفهم الجميع . 


فإن أطنب في الحديث قد يفهم البعض . 


 كذلك من الأسباب التي تجعل المتكلم يوجز في كلامه :

 ضيق المقام .

 ليس عنده وقت كثير ؛ليفصل ويطنب في كلامه . 


 كذلك إذا أراد المتكلم أن يخفي شيئا فإنه يلجأ إلى الإيجاز . 


 وكذلك إذا كانت عنده سآمة أي لا يحب محادثته يلجأ المتكلم إلى الإيجاز ، لا يريد أن يتكلم . 


ثانيا.

(( الإطناب )) هو زيادة اللفظ على المعنى لفائدة . 


 يعني الإطناب : أن يأتي بألفاظ زائدة على المعنى وذلك لفائدة ، فإن لم يكن لفائدة سمي تطويلا . 


 ومن الأمثلة على ذلك :

 قوله تعالى : 

{ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا } . 


 فهذا تطويل .. لماذا .. ؟

 لأن الزيادة غير متعينة . 

فلو حذف (واشتعل الرأس شيبا) لصح ، ولكن التطويل هنا له أسباب أخرى سيأتي ذكرها . 


 كذلك من الأمثلة :


 قول الشاعر :

 وألفى قولها كذبا ومينا . 


 فلو حذف الشاعر هنا كلمة [ كذبا ] لصح الكلام . 


وكذلك إذا حذف [ مينا ] ... والمين هو : الكذب . 


كذلك من الأمثلة على ذلك : 

قول الشاعر : 


وأعلم علم اليوم والأمس قبله . 

 هنا حشو لأن الزيادة متعينة .. فكلمة قبله تغني عنها كلمة أمس .


 ومن الأسباب التي تجعل المتكلم يتكلم بالإطناب : 


 تثبيت المعنى ؛ لذلك الشرح يأتي مطنبا ؛ أي بألفاظ كثيرة حتى يثبت المعنى عند المتلقي . 


 وكذلك إذا أراد المتكلم أن يوضح المراد فإنه يلجأ إلى الإطناب . 

 وكذلك إذا أراد أن يؤكد المعنى . كلها بمعنى واحد


 

ثالثا. تعريف (( المساواة )) هي تأدية المعنى المراد بعبارة مساوية له . 


 يعني اللفظ يأتي مساويا للمعنى بحيث لو أنك حاولت أن تزيد للجملة لفظا لجاءت هذه الزيادة فضلا .. وإن أردت أن تسقط كلمة لكان ذلك إخلالا . 


ومن الأمثلة على ذلك : 

 قول الله تعالى :

 { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي ءايَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهمُ } . 

 هذه مساواة ؛ اللفظ يساوي المعنى 


 وكذلك قوله تعالى : 

{ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ الله } 


 فهنا اللفظ يساوي المعنى .


 كذلك من الأمثلة : 


قوله تعالى : { وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّء إِلَّا بِأَهْلِهِ } . 

 فهنا لفظ يساوي المعنى .


(( أنواع الإيجاز اثنان )) 


 الأول : إيجاز قصر . 

 الثاني : إيجاز حذف . 


 أما إيجاز القصر فهو : أن يضمن المتكلم العبارات القصيرة معان كثيرة من غير حذف . 


 ومثال ذلك : قوله تعالى : 


{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } 

 فهذه الآية معناها كثير ولفظها قليل ولا حذف فيها . 

 ولو أن رجلا بليغا كتب مقالا يصور لنا فيه آثار القصاص وما يعود على المجتمع من ورائه من منافع إلى آخر ذلك ما استطاع أن يصوره كما صوره القرآن 

 فهذا يسمى إيجاز قصر . 


 أيضا من الأمثلة : 

 قوله تعالى :

 { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } . 


 فهذه الآية مع قلة ألفاظها قد جمعت كثيرا من مكارم الأخلاق منها : 

 العفو . 

 والصفح عمن أساء . 

 وصلة الأرحام . 

 والإعراض عن الجاهلين .

 إلى آخر ذلك ... 


 أما النوع الثاني من أنواع الإيجاز فهو :

 (( إيجاز حذف )) 

وهو أن يقصد المتكلم إلى إكثار المعنى مع حذف شيء من التركيك ككلمة أو جملة أو أكثر مع وجود قرينة تدل على المحذوف . 


 ومن الأمثلة على ذلك : 


قوله تعالى : 

{ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ } . 

فهنا يوجد حذف في الآية وهو : فتأس واصبر . 

 أيضا قوله تعالى : 


{ فَأَرْسِلُونِ ☆ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ } . 


فالتقدير : [ أرسلوني إلى يوسف لاستعبره الرؤيا ففعلوا فأتاه .. وقال : يا يوسف ] . فهنا أكثر من جملة تم حذفها .. هذا يسمى إيجاز حذف . 


 كذلك من الأمثلة على إيجاز الحذف


 قول امرئ القيس :

 [ فقلت يمين الله لا أبرح قاعدا ولو قطعوا رأسي لديك وأوصاني ] 

 هنا حذف الشاعر حرف ( لا ) 

 والتقدير : [ فقلت يمين الله لا أبرح قاعدا ]

 وهذا يسمى بإيجاز الحذف . 


 إذن الفرق بين إيجاز القصر وإيجاز الحذف : 


 أن إيجاز الحذف : يحذف كلمة أو جملة أو أكثر من الكلام .

 

 أما إيجاز القصر وهو : أن يأتي المعنى الكثير واللفظ قليل . 


 هيا بأن نعرج على لون جديد.


(( أنواع الإطناب )) 

 فالإطناب ينقسم أنواعا كثيرة من أشهرها :


 

 ذكر الخاص بعد العام . 


 ومن الأمثلة على ذلك : 

قوله تعالى : 

{ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ } 


 فهنا في هذه الآية عطف (جبريل) و (ميكال) على (وملائكته) مع أنهما داخلان في جنس الملائكة 


وهذا من عطف الخاص على العام .


 

 وأيضا من الأمثلة على عطف الخاص على العام : 


 قوله تعالى :


 { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ } 

 والصلاة الوسطى من الصلوات هذا عطف خاص بعد عام . 

 وفائدة هذا النوع : 

التنبيه على فضل الخاص والاهتمام به .


 النوع الثاني من أنواع الإطناب : ذكر العام بعد الخاص عكس النوع الأول . 


 ومن ذلك : 

 قوله تعالى : 

{ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ }

 

 فهنا عطف . 

ولوالدي على ولمن دخل بيتي مؤمنا . 


 وعطف وللمؤمنين والمؤمنات على ولمن دخل بيتي مؤمنا . وهذا من عطف العام على الخاص . 


 ومن الأمثلة على ذلك :

 

 قوله تعالى : 

{ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ } 


 فهنا عطف (والنبيون) على (موسى وعيسى )

وهذا من عطف العام على الخاص . 


 كذلك من الأمثلة على ذلك : أحب أبا بكر وعمر وعثمان والصحابة رضي الله عنهم . 

 فهنا عطف الصحابة على أبي بكر وعمر وعثمان 


 وهذا من عطف العام على الخاص . 


 وفائدة هذا النوع إفادة العموم مع العناية بشأن الخاص . 


 كذلك النوع الثالث من أنواع الإطناب :

 (( الإيضاح بعد الإبهام ))

 أن يأتي الكلام مبهما ثم يأتي بيانه . 


 ومثال : 


 قوله تعالى :

 { أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ . أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ } . 


 فقوله أمدكم بأنعام وبنين .. إيضاح وتبيين لقوله تعالى : { أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ }

 


 أيضا من الأمثلة على ذلك : 


 قوله تعالى :

 { وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ } . 

 فقوله : [ أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ] إيضاح وتبيين لقوله : ذلك الأمر .


 وفائدة هذا النوع وهو الإيضاح بعد الإبهام : تقرير المعنى في ذهن السامع . 


وهنا فائدة أيضا نعرج عليها وهي : متى يكون الكلام بليغا في هذه الصور الثلاثة : [ الإيجاز ، والإطناب ، والمساواة ] 

 قال البلاغيون : لا يكون الكلام في هذه الصور الثلاثة بليغا حتى يكون مطابقا لمقتضى الحال .. فإذا كان المقام يحتاج إلى الإطناب فعدل المتكلم عنه إلى الإيجاز لم يكن الكلام بليغا . 

 ومن تأمل القرآن الكريم وجد معان كثيرة : 

 جاءت تارة بالإيجاز . 

 وجاءت تارة بالإطناب . 

 وجاءت تارة بالمساواة . 

 لماذا .. ؟

 لأن كل مقام يناسبه صورة من هذه الصور الثلاثة ومن ذلك : 

 الدلالة على أن كل إنسان مجازى بعمله .. إن خيرا فخير وإن شرا فشر . 


فهذا المعنى جاء مرة بالإيجاز ومرة بالإطناب ومرة بالمساواة . 


فهذا المعنى جاء مرة بالإيجاز ومرة بالإطناب ومرة بالمساواة . 


 فالإيجاز : قوله تعالى : { كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } 


والإطناب : قوله تعالى : { وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا . إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا . أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا } . 

 فهنا اللفظ كثير والمعنى قليل .. فهذا هو الإطناب .

 

مثال المساواة : 


 قوله تعالى : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ☆ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } فهنا المعنى يساوي اللفظ .

تعليقات