السجع لغة
" سَجَعَ يَسْجَعُ سَجْعاً : استوى واستقام وأَشبه بعضه بعضاً
وأَصل السجْعِ : القَصْدُ المُسْتَوي على نسَقٍ واحد
وسَجْعُ الحمامةِ : موالاة صوتها على طريق واحد ومنه هدير الحمام ونحوها على نغمة واحدة
وسجَعت الناقة سَجْعاً : مدّت حَنِينَها على جهة واحدة
• وسَجَعَ الكَاتِبُ : أَتَى بِكَلاَمٍ مَنْثُورٍ مُقَفّىً ، لَهُ فَوَاصِلُ
والسجع : الكلام المُقَفَّى ، والجمع أَسجاع وأَساجِيعُ ؛ وكلام مُسَجَّع .
وسَجَعَ يَسْجَعُ سَجْعاً وسَجَّعَ تَسْجِيعاً : تَكَلَّم بكلام له فَواصِلُ كفواصِلِ الشِّعْر من غير وزن ، وصاحبُه سَجّاعةٌ وهو من الاسْتِواءِ والاستقامةِ والاشتباهِ كأَن كل كلمة تشبه صاحبتها
السجع اصطلاحا هو توافق الفاصلتين في الحرف الأخير
والفاصلة هي الكلمة الأخيرة من كل فقرة وتسكن الفاصلة دائما في النثر للوقف
وأفضله ما تساوت فقره
والسجع قيل موطنه النثر فقط
وقيل يجيء في الشعر ومنه قول أبي الطيب :
فنحن في جذل والروم في وجل
والبر في شغل والبحر في خجل
ومنه التشطير وهو جعل كل من شطري البيت سجعة مخالفة لأختها كقول أبي تمام في فتح عمورية :
تدبير معتصم بالله منتقم لله مرتغب في الله مرتقب
فالشطر الأول سجعة مبنية على الميم
والثاني على الباء
وموطن السجع في الأساس هو النثر مثاله قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
"اللهم أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا" تشابهت الفاصلتان هنا في الفقرتين في الحرف الأخير وهما كلمتا "خلفا وتلفا"
ومنه قول أعرابي ذهب السيل بابنه :
"اللهم إن كنت قد أبليت فإنك طالما قد عافيت"
والسجع ثلاثة أنواع
التوع الأول: السجع المطرف وذلك إذا اختلفت الفاصلتان في الوزن وذلك كقوله تعالى :
"مالكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا" والمقصود بالوزن الوزن العروضي
وسمي بالمطرف لبلوغه طرف الحسن ونهايته بالنسبة إلى غيره
النوع الثاني من السجع " الترصيع "
وهو أن يكون ما في إحدى القرينتين من الألفاظ أو أكثره مثل ما يقابله من الأخرى في الوزن والتقفية وذلك كقول الله تعالى:
"إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم "
وكقول الحريري رحمه الله :
" فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه " .
وكقول أبي الفضل الهمذاني :
" إن بعد الكدر صفوا, وبعد المطر صحوا".
وكقول أبي الفتح البستي :
"ليكن إقدامك توكلا, وإحجامك تأملا" .
النوع الثالث "المتوازي"
وهو أن تتفق الفقرتان في الوزن والتقفية في الفاصلة فقط لا في أكثر أو كل الفقرة مع نظيرتها وهذا هو الفرق بين الترصيع والمتوازي فالترصيع يكون أكثر أوكل الفقرة متفقة مع نظيرتها في الحرف الأخير بينما المتوازي يكون التوافق في الفاصلة فقط مع الاتفاق في الوزن
مثال المتوازي قول الله تعالى :
"فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة"
وسر جمال السجع أنه يحدث نغماً موسيقياً يثير النفس وتطرب إليه الأذن
ويثير الانتباه وذلك إذا جاء غير متكلف .
وكما أن الشعر يحْسُنُ بجمال قوافيه ، كذلك النثر يَحْسُنُ بتماثل الحروف الأخيرة من الفواصل.
ومنه قوله :
"الحر إذا وعد وفى, وإذا أعان كفى,
وإذا ملك عفا."
ويشترط في السجع أربعة شروط :
1- اختيار مفردات الألفاظ
2- اختيار التأليف
3- كون اللفظ تابعا للمعنى لا عكسه
4- كون كل واحد من الفقرتين دالة على معنى آخر وإلا لكان تطويلا
والسجع ثلاثة أقسام :
القسم الأول : أن يكون الفصلان متساويين
نحو قوله تعالى :
(فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر)
القسم الثاني : أن يكون الفصل الثاني أطول من الأول لا طولا يخرجه عن الاعتدال كثيرا وإلا لكان قبيحا
ومثال هذا القسم قوله تعالى :
(وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا)
القسم الثالث : أن يكون الفصل الآخر أقصر من الفصل الأول وهو عيب فاحش لأن السمع قد استوفى أمده في الأول بطوله فإذا جاء الثاني قصيرا بقي الإنسان عند سماعه كمن يريد الانتهاء إلى غاية فيعثر دونها
هل يصح أن نقول في القرآن سجع
اختلف علماء اللغة في جواز ذلك فمنهم من أجاز ومنهم من منع
وإذا رجعنا لشروط السجع فمن هذه الشروط :
أن يكون اللفظ تابعا للمعنى لا عكسه
والفرق بين سجع الكهان وما جاء في القرآن أن الأساس في القرآن هو المعنى والسجع فيه إنما جاء كذهب طرح على نحر حسناء فائقة الحسن فازدادت حسنا
مع وضوح المعنى وسلاسة اللفظ
فإذا نجد الألفاظ تابعة للمعاني خادمة لها بخلاف ما جاء على لسان الكهان فتلك ألفاظ مبهمة المعاني يراد منها التدليس والإيهام وليس لهم من هم إلا تنميق الكلام بالألفاظ ليستعلو على أتباعهم بكلمات لا يفهمونها
وليس مقصدهم إيصال معاني قيمة تلامس القلوب فهم كمَنْ رصّعَ تاجاً ثمّ ألْبسه زنجیاً ساقطاً، أو نظم قلادة درّ ثم ألبسها كلبا،
وأما القرآن فيعمد إلى المعاني الجليلة فيزفها بألفاظ جلية بهية تأسر القلوب فعلى هذا فالسجع موجود وملموس في القرآن على هذه الصفة
ومن منع تسمية ذلك سجعا سماه فواصل فالخلاف لفظي