📁 آخر الأخبار

اتخاذ الإخوان وما يجب لهم اتخاذ الإخوان وما يجب لهم

 

اتخاذ الإخوان وما يجب لهم

اتخاذ الإخوان وما يجب لهم


رَوَى الأوزاعيّ عن يحيى بن أبي كَثير أنّ داود قال لابنه سُليمان عليهما السلام:

 يا بُنيّ لا تَستَقلّ عَدوَاً واحداَ ولا تَستَكْثِر أَلف صَديق، ولا تَستَبدل بأخٍ قديم أخاً مُستَحدثاً ما استَقام لك.

وفي الحديث المرفوع:

 المَرْء كَثير بأَخيه.

وقاد شَبيب بن شَيْبة؟ إخوان الصَّفاء خير مكاسب الدُّنيا، هم زِينةٌ في الرِّخَاء، وعدَّة في البَلاء، ومَعُونة على الأعداء.

وأنشد ابن الأعرابيّ:


لَعَمْرك ما مالُ الفَتَى بذَخيرة

***

 ولكن إخوانَ الصَّفاء الذَّخائرُ

وقال الأحْنف بن قَيْس:

 خَيْرُ الإخوان إن استغنيت عنه لم يَزِدك في المَودَّة، وإن احتَجْت إليه لم يَنْقُصك منها، وإن كُوثِرت عَضدك، وإن استرفدت رفَدَك، وأنشد:


أخوكَ الذي إن تَدْعُه لِمُلِمِّة

***

 يُجِبْك وإنْ تَغْضب إلى السًيف يَغْضب

ولآخر:


أخَاكَ أَخَاكَ إنّ مَن لا أخاً له

***

 كَساعٍ إلى الهَيْجَا بغَيْر سِلاح

وإنّ ابن عَمّ المَرْء فاعْلَم جَناحُه

***

 وهل يًنْهض البازِي بغَيْر جَنَاح

ومما يَجب للصدًيق على الصَّديق النصيحةُ جَهْده. فقد قالوا:

 صدِيق الرجل مِرْآته تُريه حَسناتِه وسيّآته.

وقالوا الصَّدِيق من صَدَقك وُدّه، وبَذَل لك رِفْدَه.

" وقالوا:

 أربعة لا تعرَف إلاّ عِنْد أربعة:

 لا يُعرف الشجاع إلا عند الحَرْب، ولا الحَلِيم إلا عند الغَضب، ولا الأمين إلا عند الأخذ والعَطاء، ولا الأخوانُ إلا عَند النَّوائب " .

وقالوا:

 خير الإخوان مَن أقبل عليك إذا أدبر الزمان عنك.

وقال الشاعر:


فإنّ أوْلَى المَوالي أن توَاليه

***

 عند السُّرور لمَن واساكَ في الحَزَنِ

إن الكرِامَ إذا مَا أُسهَلوا ذَكَرُوا

***

 مَن كان يأَلَفَهُم في المنزل الخَشِن

ولآخر:


البرُّ من كَرَم الطبيعة

***

 والمَنّ مَفْسدة الصنيعة

تَرْكُ التعهُّد للصَّدي

***

 ق يكون داعيةَ القطيعة

أنشد محمدُ بن يزيد المبرِّد لعبد الصَّمد بن المُعذَّل في الحَسْن بن إبراهيم.

يا من فَدَت نَفْسَه نَفْسي ومن جُعُلت

***

 له وِقَاءً لِمَا يخشى وأَخْشاهُ

أبْلِغ أخاكَ وان شَط المَزَار به

***

 أنِّي وإنْ كُنتُ لا ألقاه ألقاه

وأنّ طَرْفيَ مَوْصول برؤيته

***

 وإنْ تَباعد عن مَثْواي مَثْواه

اللّه يعْلَم أنّي لستُ أذْكُره

***

 وكيف يَذكره مَن ليس يَنْساه

عًدُّوا فهل حَسَنٌ لم يَحْوِه حَسَن

***

 وهَلْ فتَى عَدَلت جَدْواه جَدْوَاه

فالدهر يَفْنى ولا تَفْنى مَكارمه

***

 والقَطْر يُحْمىَ ولا تُحْصىَ عَطَايَاه

وقيل لبعض الوُلاة:

 كم صديقاً لك؟ قال:

 لا أدْري، الدُّنيا مُقْبِلة عليَّ والناس كلِّهم أصدقائيِ، وإنما أَعرف ذلك إذا أدبرَتْ عنِّي.

ولمّا صارت الخِلافة إلى المَنْصور كَتب إليه رجلٌ من إخوانه كتاباً فيه هذه الأبيات:


انا بِطَانُتك الآلي

***

 كُنَّا نُكابِد ما تُكابِدْ

ونُرَى فنُعْرف بالعَدا

***

 وَة والبِعاد لمَن تُباعد

ونبيت في شَفَق عَلَي

***

 ك رَبيئةً والليلُ هاجِد

أصناف الإخوِان

قال العَتّابي:

 الإخوانُ ثلاثة أصناف:

 فرْع بائنٌ من أصله، وأصل مُتَّصل بفَرْعه، وفَرْع ليس له أصل. فأمّا الفرع البائن من أصله، فإخاءٌ بُني على مودّة ثم انقطعت فحُفِظ على ذمام الصُّحبة؛ وأمّا الأصل المتَّصل بفَرْعه، فإخاءٌ أصله الكرم وأغصانه التَقوى؛ وأمّا الفرع الذي لا أصل له، فالمموه الظاهر الذي ليس له باطن.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم:

 الصاحب رُقْعة في قميصك فانظر بم تُرَقِّعه.

ويقال:

 من علامة الصَّديق أن يكون لصَديق صديقه صديقاً ولعدوه عدوَّاً.

وقَدِم دِحْية الكَلْبيّ على أمير المؤمنين عليّ عليه السلامُ، فما زال يَذْكر مُعاوية ويطْريه في مجلسه؛ فقال عليٌّ عليه السلام:


صَديقُ عَدُوِّي داخلٌ في عَدَاوَاتي

***

 وإنِّي لمَن وَدَّ الصّديقَ وَدودُ

فلا تَقْرَباً منّي وأنت صَديقُه

***

 فإنّ الذي بين القُلوب بعيدُ

وفي هذا المعنى قول العتابيّ:


تَودُّ عدوِّي ثم تَزْعُم أنني

***

 صديقُك إنّ الرَّأي عنك لعازِبُ

وليس أخي مَن دوني رَأْيَ عَيْنه

***

 ولكنْ أخي مَن دوني وهو غائبُ

وقال آخر:


ليس الصديقُ الذي إن زَلَّ صاحبُه

***

 يوماً رَأَى الذنبَ منه غيرَ مغْفِورِ

وإنْ أَضاع له حَقَاً فعاتَبه

***

 فيه أتاه بتَزْوِيق المَعاذِير

إنّ الصًديق الذي ألقاه يَعذِر لي

***

 ما ليس صاحبُه فيه بمَعْذور

وقال الآخر:


كم مِن أخ لم يَلدِهْ أبُوكا

***

 وأخ أبوهُ أبوكَ قد يَجْفُوكا

صافِ الكِرَامَ إذا أَردتَ إخاءَهم

***

 واعْلَم بأنّ أخا الحِفاظ أُخوكا

والناسُ ما استغنيتَ كُنتَ أخاهُمُ

***

 وإذَا افتقرتَ إليهمُ رَفَضًوكا

وقال بعضهم:


أخوك الذي إن قمتَ بالسًيْف عامِداً

***

 لتَضْرِبَه لم يَسْتغشَّك في الوُدِّ

وإنْ جئتَ تَبْغي كفّه لتُبينَها

***

 لبادَر إشفاقاً عليك من الرَّدّ

يرى أنَّه في الودّ وانٍ مقَصرٌِّ

***

 على أنَّه قد زادَ فيه على الجَهْد

وقال آخر:


إنْ كنتَ مُتَّخذاً خَلِيلاً

***

 فتَنَقَّ واْنتَقد الخَلِيلاَ

مَن لم يكُن لك منصفًا

***

 في الوُدّ فابغ به بَدِيلا

ولقَلَّما تَلْقى اللَّئيمَ

***

 عليك إلا مستطيلا

وللعَطوِيّ:


صُنِ الوًدً إلاِّ عَن الاكرمين

***

 ومَن بمُؤَاخاتِه تَشْرُفُ

ولا تغتررْ مِن ذَوِي خلَة

***

 بما مَوّهوا لكَ أَوْ زَخْرفوا

وكم من أخ ظاهر ودًّه

***

 ضَمِيرُ مَودّته أَحْيَف

إذا أنت عاتبتَه في الإخا

***

 ءِ تنكر منه الذي تَعْرِف

وكتب العباس بن جَرير إلى الحَسن بن مَخْلد:


ارعَ الإِخاءَ أبا مُحم

***

 د للَّذي يصْفو وصُنْهُ

وإذا رأيتَ مُنافِساً

***

 في نيل مكرمةٍ فكنه

إنَ الصديقَ هو الذي

***

 يرعاك حيث تغيب عنه

فإذا كشفت إخاءَهُ

***

 أحمدتَ ما كشفت منه

مِثْل الحُسام إذا انتضا

***

 هُ أخُو الحفيظة لم يخنه

يسعى لما تسْعى له

***

 كرماً وإنْ لم تَسْتَعِنْهُ

وقال آخر:


خَيْرُ إخوانِكَ آْلمشارك في المر

***

 وأَين الشرِيكُ في المرّ أَيْنَا

الَّذِي إنْ شهدتَ زادَك في البرّ

***

 وإن غِبْتَ كان أذْناً وعَيْنا

وقال آخر:


ومِنَ البَلاء أخٌ جنايتُه

***

 عَلَق بنا ولغَيْرنا سَلَبُهْ

ولآخر:


إذا رأيتُ انحرافاً من أخِي ثِقةٍ

***

 ضاقتْ عليّ برُحب الأرض أوْطانِي

فإن صددتُ بوَجْهي كَيْ أكافئَه

***

 فالعَين غَضْبَى وقَلْبي غير غضبان

وكتب بعضُهم إلى محمد بن بَشّار:


مَن لم يُرِدْك فلا تردهُ

***

 لِتَكُنْ كَمَنْ لم تَسْتَفِدْه

باعِدْ أخاكَ لبُعْده

***

 وإذا دَنا شِبْراً فزِده

كم من أخٍ لك يا بنَ بَشّ

***

 ا رٍ وأُمُّك لم تَلِدْه


وأخِي مُناسَبة يَسُو

***

 ءُك، غَيْبُه لم تفتقده

فأجابه محمد بن بَشّار:


غَلِطَ الفَتى في قَوْله:

***

 مَن لم يُرِدْك فَلا تُرده

مَنْ يَأْنس الإخْوان لم

***

 يَبْدَ العِتابَ ولم يُعِدْه

عاتِبْ أخاك إذا هَفا

***

 واعْطِفْ بِودك واسْتَعِدْه

وإذا أتاك بِعَيْبِهِ

***

 واشٍ فقُل لم تَعْتمده

اتخاذ الإخوان وما يجب لهم اتخاذ الإخوان وما يجب لهم

۞۞۞۞۞۞۞۞

 كتاب الياقوتة في العلم والأدب ﴿ 32 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞۞۞

اتخاذ الإخوان وما يجب لهم اتخاذ الإخوان وما يجب لهم

تعليقات