العمل في الحرب العمل في الحرب
العمل في الحرب العمل في الحرب
۞۞۞۞۞۞۞
قيل لأكثم بن صيفي:
صف لنا العمل في الحرب. قال:
أقلوا الخلاف على أمرائكم، فلا جماعة لمن اختلف عليه. واعلموا أن كثرة الصياح من الفشل، فتثبتوا، فإن أحزم الفريقين الركين، ورب عجلة تعقب ريثاً. وادرعوا الليل، فإنه أخفى للويل، وتحفظوا من البيات.
وقال شبيب الحروري:
الليل يكفيك الجبان ونصف الشجاع.
وكان إذا أمسى يقول لأصحابه:
أتاكم المدد يعني الليل.
وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها يوم الجمل، وسمعت منازعة أصحابها وكثرة صياحهم:
المنازعة في الحرب خور، والصياح فيها فشل، وما برأيي خرجت مع هؤلاء.
وقال عتبة بن ربيعة لأصحابه يوم بدر لما رأى عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أما ترونهم خرساً لا يتكلمون، يتلمظون تلمظ الحيات.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
من أكثر النظر في العواقب، لم يشجع.
وقال النعمان بن مقرن لأصحابه عند لقاء العدو:
إني هاز لكم الراية، فليصلح كل رجل منكم من شأنه، وليشد على نفسه وفرسه؛ ثم إني هازها لكم الثانية، فلينظر كل رجل منكم موقع سهمه، وموضع عدوه، ومكان فرصته ثم إني هازها لكم الثالثة وحامل، فاحملوا على اسم الله.
وللنعمان بن مقرن هذا يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه - إذ تكاملت عنده الحشود وتطلع الصحابة إلى التقدم عليها - :
لأقلدن أعنتها رجلاً يكون عداء لأول أسنة يلقاها. فقلدها النعمان بن مقرن.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
انتهزوا الفرصة، فإنها تمر مر السحاب، ولا تطلبوا أثراً بعد عين.
وقال بعض الحكماء:
انتهز الفرصة، فإنها خلسة؛ وثب عند رأس الأمر، ولا تثب عند ذنبه. وإياك والعجز، فإنه أذل مركب؛ والشفيع المهين، فإنه والله أضعف وسيلة.
وخرجت خارجة بخراسان على قتيبة بن مسلم فأهمه ذلك، فقيل له:
ما يهمك منهم! وجه إليهم وكيع بن أبي سود فإنه يكفيكم. فقال:
لا، إن وكيعاً رجل به كبر يحتقر أعداءه، ومن كان هكذا قلت مبالاته بأعدائه فلم يحترس منهم، فيجد عدوه غرة منه.
وسئل بعض الملوك عن وثائق الحزم في القتال فقال:
مخاتلة العدو عن الريف، وإعداد العيون على الرصد، وإعطاء المبلغين أمانا على مستأمن، ولا تشدهنك الغنيمة عن المحاذرة.
وفي بعض كتب العجم:
أن حكيماً سئل أشد الأمور تدريباً للجنود وشحذاً لها، فقال:
تعود القتال وكثرته، وأن يكون لها مواد من ورائها.
وقال عمرو بن العاص لمعاوية:
والله ما أدري يا أمير المؤمنين أشجاع أنت أم جبان؟ فقال معاوية:
شجاع إذا ما أمكنتني فرصة
***
وإن لم تكن لي فرصة فجبان
وقال الأحنف بن قيس:
إن رأيت الشر يتركك إن تركته فاتركه.
قال هدبة العذري:
ولا أتمنى الشر والشر تاركي
***
ولكن متى أحمل على الشر أركب
ولست بمفراح إذا الدهر سرني
***
ولا جازع من صرفه المتقلب
العمل في الحرب العمل في الحرب
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الفريدة في الحروب ومدار
أمرها ﴿ 3 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
العمل في الحرب العمل في الحرب