باب من الوفاء والغدر
باب من الوفاء والغدر
قال مروان بن محمد لعبد الحميد الكاتب حين أيقن بزوال ملكه:
قد احتجت إلى أن تصير مع عدوي وتظهر الغدر بي؛ فإن إعجابهم بأدبك وحاجتهم إلى كتابك تدعوهم إلى حسن الظن بك، فإن استطعت أن تنفعني في حياتي وإلا لم تعجز عن نفع حرمي بعد موتي. فقال عبد الحميد:
إن الذي أمرت به أنفع الأشياء لك وأقبحها بي، وما عندي غير الصبر معك، حتى يفتح الله عليك أو أقتل معك. وأنشأ يقول:
***
فمن لي بعذر يوسع الناس ظاهره
أبو الحسن المدائني قال:
لما قتل عبد الملك بن مروان عمرو بن سعيد بعد ما صالحه وكتب إليه أماناً وأشهد شهوداً، قال عبد الملك بن مروان لرجل كان يستشيره ويصدر عن رأيه إذا ضاق به الأمر:
ما رأيك في الذي كان مني؟ قال:
أمر قد فات دركه. قال:
لتقولن. قال:
حزم لو قتلته وحييت. قال:
أو لست بحي؟ فقال:
ليس بحي من أوقف نفسه موقفاً لا يوثق له بعهد ولا بعقد. قال عبد الملك:
كلام لو سبق سماعه فعلى لأمسكت.
المدائني قال:
لما كتب أبو جعفر أمان ابن هبيرة واختلف فيه الشهود أربعين يوماً، ركب في رجال معه حتى دخل على المنصور، فقال له:
يا أمير المؤمنين إن دولتكم هذه جديدة فأذيقوا الناس حلاوتها وجنبوهم مرارتها، لتسرع محبتكم إلى قلوبهم، ويعذب ذكركم على ألسنتهم، وما زلت منتظراً لهذه الدعوة. فأمر أبو جعفر برفع الستر بينه وبينه، فنظر إلى وجهه وباسطه بالقول حتى اطمأن قلبه. فلما خرج قال أبو جعفر لأصحابه. عجبا لمن يأمرني بقتل مثل هذا! ثم قتله بعد ذلك غدراً.
وقال أبو جعفر لسلم بن قتيبة:
ما ترى في قتل أبي مسلم؟ قال سلم:
" لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " ؛ قال حسبك الله أبا أمية.
قال أبو عمرو بن العلاء:
كان بنو سعد بن تميم أغدر العرب، وكانوا يسمون الغدر في الجاهلية:
كيسان فقال فيهم الشاعر:
إذا كنت في سعد وخالك منهم
***
غريباً فلا يغررك خالك من سعد
إذا ما دعوا كيسان كانت كهولهم
***
إلى الغدر أدنى من شبابهم المرد
باب من الوفاء والغدر باب من الوفاء والغدر
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب اللؤلؤة في السلطان ﴿ 19 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
باب من الوفاء والغدر باب من الوفاء والغدر