الجود مع الإقلال
الجود مع الإقلال
قال الله تبارك وتعالى فيما حكاه عن الأنصار:
" ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
أفضل العطية ما كان من معسر إلى معسر.
وقال عليه الصلاة والسلام:
أفضل العطية جهد المقل.
وقالت الحكماء:
القليل من القليل أحمد من الكثير من الكثير.
أخذ هذا المعنى حبيب فنظمه في أبيات كتب بها إلى الحسن بن وهب الكاتب وأهدى إليه قلماً:
قد بعثنا إليك أكرمك الل
***
ه بشيء فكن له ذا قبول
لا تقسه إلى ندى كفك الغم
***
ر ولا نيلك الكثير الجزيل
واستجز قلة الهدية مني
***
إن جهد المقل غير قليل
وقالوا:
جهد المقل أفضل من غنى المكثر.
وقال صريع الغواني:
ليس السماح لمكثر في قومه
***
لكن لمقتر قومه المتحمد
وقال أبو هريرة:
ما وددت أن أحداً ولدتني أمه إلا أم جعفر بن أبي طالب عليه السلام، تبعته ذات يوم وأنا جائع، فلما بلغ الباب التفت فرآني فقال لي:
أدخل، فدخلت. ففكر حيناً فما وجد في بيته إلا نحيا كان فيه سمن مر، فأنزله من رف لهم، فشقه بين أيدينا، فجعلنا نلعق ما كان فيه من السمن والرب، وهو يقول:
ما كلف الله نفساً فوق طاقتها
***
ولا تجود يد إلا بما تجد
وقيل لبعض الحكماء:
من أجود الناس؟ قال:
من جاد من قلة، وصان وجه السائل عن المذلة.
وقال حماد عجرد:
أروق بخير تؤمل للجزيل فما
***
ترجى الثمار إذا لم يورق العود
إن الكريم ليخفي عنك عسرته
***
حتى تراه غنياً وهو مجهود
وللبخيل على أمواله علل
***
زرق العيون عليها أوجه سود
بث النوال ولا نمنعك قلته
***
فكل ما سد فقراً فهو محمود
وقال حاتم:
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله
***
ويخصب عندي والمحل جديب
وما الخصب للأضياف أن يكثر القرى
***
ولكنما وجه الكريم خصيب
وقال عبد الملك بن مروان:
ما كنت أحب أن أحداً ولدني من العرب إلا عروة بن الورد لقوله:
أتهزأ مني أن سمنت وأن ترى
***
بجسمي مس الجوع والجوع جاهد
لأني أمرؤ عافي إنائي شركة
***
وأنت أمرؤ عافى أنائك واحد
أقسم جسمي في جسوم كثيرة
***
وأحسو قراح الماء بارد
ومن أحسن ما قيل في الجود والإقلال، قول أبي تمام حبيب:
فلو لم يكن في كفه غير روحه
***
لجاد بها فليتق الله سائله
ومن أفرط ما قيل في الجود، قول بكر بن النطاح:
أقول لمرتاد الندى عند مالك
***
تمسك بجدوى مالك وصلاته
فتى جعل الدنيا وقاء لعرضه
***
فأسدى بها المعروف قبل عداته
فلو خذلت أمواله جود كفه
***
لقاسم من يرجوه شطر حياته
وإن لم يجز في العمر قسم لمالك
***
وجاز له أعطاه من حسناته
وجاد بها من غير كفر بربه
***
وأشركه في صومه وصلاته
وقال آخر في هذا المعنى وأحسن:
ملأت يدي من الدنيا مراراً
***
وما طمع العواذل في اقتصادي
ولا وجبت علي زكاة مال
***
وهل تجب الزكاة على الجواد
الجود مع الإقلال
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الزبرجدة في الأجواد والأصفاد ﴿ 4 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
الجود مع الإقلال