باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء وان كان لها زوج انفسخ نكاحها بالسبي
باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء وان كان لها زوج انفسخ نكاحها بالسبي
2643- وَقَوْله: (حَدَّثَنَا يَزِيد بْن زُرَيْع حَدَّثَنَا سَعِيد بْن عَرُوبَة عَنْ قَتَادَة عَنْ صَالِح أَبِي الْخَلِيل عَنْ أَبِي عَلْقَمَة الْهَاشِمِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ)، وَفِي الطَّرِيق الثَّانِي (عَنْ عَبْد الْأَعْلَى عَنْ سَعِيد عَنْ قَتَادَة عَنْ أَبِي الْخَلِيل عَنْ أَبِي عَلْقَمَة عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ)، وَفِي الطَّرِيق الْآخَر (عَنْ شُعْبَة عَنْ قَتَادَة عَنْ أَبِي الْخَلِيل عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ) مِنْ غَيْر ذِكْر أَبِي عَلْقَمَة، هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع نُسَخ بِلَادنَا، وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيّ الْغَسَّانِيّ عَنْ رِوَايَة الْجُلُودِي وَابْن مَاهَان قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِيّ قَالَ: وَوَقَعَ فِي نُسْخَة اِبْن الْحَذَّاء بِإِثْبَاتِ (أَبِي عَلْقَمَة) بَيْن أَبِي الْخَلِيل وَأَبِي سَعِيد، قَالَ الْغَسَّانِيّ: وَلَا أَدْرِي مَا صَوَابه.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: قَالَ غَيْر الْغَسَّانِيّ: بِإِثْبَاتِ أَبِي عَلْقَمَة هُوَ الصَّوَاب.
قُلْت: وَيَحْتَمِل أَنَّ إِثْبَاته وَحَذْفه كِلَاهُمَا صَوَاب وَيَكُون أَبُو الْخَلِيل سَمِعَ بِالْوَجْهَيْنِ فَرَوَاهُ تَارَة كَذَا وَتَارَة كَذَا وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّل الْكِتَاب بَيَان أَمْثَال هَذَا.
قَوْله: «بَعَثَ جَيْشًا إِلَى أَوْطَاس» أَوْطَاس مَوْضِع عِنْد الطَّائِف يُصْرَف وَلَا يُصْرَف سَبَقَ بَيَانه قَرِيبًا.
قَوْله: «فَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايَا فَكَأَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَرَّجُوا مِنْ غِشْيَانهمْ مِنْ أَجْل أَزْوَاجهنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى فِي ذَلِكَ: {وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ} أَيْ فَهُنَّ لَكُمْ حَلَال إِذَا اِنْقَضَتْ عِدَّتهنَّ» مَعْنَى (تَحَرَّجُوا) خَافُوا الْحَرَج وَهُوَ الْإِثْم مِنْ غِشْيَانِهِنَّ أَيْ مِنْ وَطْئِهِنَّ مِنْ أَجْل أَنَّهُنَّ زَوْجَات وَالْمُزَوَّجَة لَا تَحِلّ لِغَيْرِ زَوْجهَا، فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى إِبَاحَتهنَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ} وَالْمُرَاد بِالْمُحْصَنَاتِ هُنَا الْمُزَوَّجَات، وَمَعْنَاهُ وَالْمُزَوَّجَات حَرَام عَلَى غَيْر أَزْوَاجهنَّ إِلَّا مَا مَلَكْتُمْ بِالسَّبْيِ، فَإِنَّهُ يَنْفَسِخ نِكَاح زَوْجهَا الْكَافِر وَتَحِلّ لَكُمْ إِذَا اِنْقَضَى اِسْتِبْرَاؤُهَا وَالْمُرَاد بِقَوْلِهِ: إِذَا اِنْقَضَتْ عِدَّتهنَّ أَيْ اِسْتِبْرَاؤُهُنَّ، وَهِيَ بِوَضْعِ الْحَمْل عَنْ الْحَامِل، وَبِحَيْضَةٍ مِنْ الْحَائِل كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مِنْ الْعُلَمَاء أَنَّ الْمَسْبِيَّة مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان وَغَيْرهمْ مِنْ الْكُفَّار الَّذِينَ لَا كِتَاب لَهُمْ لَا يَحِلّ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِين حَتَّى تُسْلِم فَمَا دَامَتْ عَلَى دِينهَا فَهِيَ مُحَرَّمَة، فَهَؤُلَاءِ الْمَسْبِيَّات كُنَّ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَب عَبَدَة الْأَوْثَان، فَيُؤَوَّل هَذَا الْحَدِيث وَشِبْهه عَلَى أَنَّهُنَّ أَسْلَمْنَ، وَهَذَا التَّأْوِيل لابد مِنْهُ وَاَللَّه أَعْلَم.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْأَمَة إِذَا بِيعَتْ وَهِيَ مُزَوَّجَة مُسْلِمًا هَلْ يَنْفَسِخ النِّكَاح وَتَحِلّ لِمُشْتَرِيهَا أَمْ لَا فَقَالَ اِبْن عَبَّاس يَنْفَسِخ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ} وَقَالَ سَائِر الْعُلَمَاء: لَا يَنْفَسِخ وَخَصُّوا الْآيَة بِالْمَمْلُوكَةِ بِالسَّبْيِ.
قَالَ الْمَازِرِيّ: هَذَا الْخِلَاف مَبْنِيّ عَلَى أَنَّ الْعُمُوم إِذَا خَرَجَ عَلَى سَبَب هَلْ يُقْصَر عَلَى سَبَبه أَمْ لَا؟ فَمَنْ قَالَ: لَا يُقْصَر بَلْ يُحْمَل عَلَى عُمُومه قَالَ: يَنْفَسِخ نِكَاح الْمَمْلُوكَة بِالشِّرَاءِ.
لَكِنْ ثَبَتَ فِي حَدِيث شِرَاء عَائِشَة (بَرِيرَة) أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ بَرِيرَة فِي زَوْجهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخ بِالشِّرَاءِ لَكِنْ هَذَا تَخْصِيص عُمُوم الْقُرْآن بِخَبَرِ الْوَاحِد وَفِي جَوَازه خِلَاف وَاَللَّه أَعْلَم.
باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء وان كان لها زوج انفسخ نكاحها بالسبي
باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء وان كان لها زوج انفسخ نكاحها بالسبي