الثقلاء
۞۞۞۞۞۞۞
قالت عائشةُ أم المؤمنين رضي الله عنها:
" فإذا طَعمتُمْ فِانْتَشرًوا ولا مًسْتَأْنِسِين لِحَديث " .
وقال الشعبي:
مَن فاتَتْه رَكْعتا الفَجْر فَلْيلعن الثقلاء.
وقيل لجالينوس:
بِمَ صار الرجلُ الثقيلُ أثقلَ من الْحِمْل الثقيل؟ فقال:
لأنّ الرجلَ الثقيل إنما ثِقَلُه على القَلْب دون الجَوارح. والحِمْل الثَّقيل يَسْتَعِين فيه المرء بالجَوَارح.
وقال سَهْل بن هارون:
من ثَقل عليك بنَفْسه، وغمك بسُؤاله، فأَعِرْه أُذناً صَمَّاء، وعيناً عمياء.
وكان أبو هُرَيرة إِذا استثَقل رجلاً، قال:
اللهم اغْفِر له وأرِحْنا منه.
وكان الأعمشُ إِذا حَضر مَجلسه ثقيلٌ يقول:
فما الفِيلُ تَحْمِلُه مَيِّتاً
***
بأثقلَ من بَعْض جُلاسِنَا
وقال أبو حَنِيفة للأعمش، وأتاه عائِداً في مرضه:
لَوْلا أن أثْقُل عليك أبا محمَد لعُدْتك واللّهِ في كلّ يوم مَرّتين، فقال له الأعمش:
والله يا بن أخي، أنتَ ثَقِيل عليّ وأنتَ في بَيْتك، فكيف لو جئتني في كلّ يوم مَرَّتين.
وذكر رجلٌ ثقيلاً كان يَجْلِس إليه، فقال:
واللّه إِني لُأبْغِضُ شِقِّي الذي يليه إذا جَلس إلِيّ.
ونقَشَ رجل على خاتَمه:
أَبْرَمْتَ فَقُم. فكان إذا جَلس إليه ثقيلٌ ناوَله إِيَّاه وقال:
اقرأ ما على هذا الخاتم.
وكان حَمّاد بن سَلمة إذا رأى من يَستَثقله قال:
" رَبَّنَا اكشفْ عَنَا العَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنونَ " .
وقال بشّار العُقَيليّ في ثَقِيل يُكنى أبا عِمْران:
رُبمَّا يَثْقُل الجَلِيسُ وإنْ كا
***
نَ حنيفاً في كِفّة الميزانِ
ولقد قلتُ إذْ أطل عَلَى القَوْ
***
م ثَقِيل يُرْبي عَلَى ثَهْلان
كيفَ لا تَحْمِل الأمانَةَ أُرْض
***
حَمَلَتْ فوقَها أبا عُمْران
ولآخر:
أنتَ يا هذا ثَقِيلُ
***
وثقيل وثقيل
أنتَ في المَنْظَر إنْسا
***
ن وفي الميزان فيل
وقال الحَسَن بن هانئ في رجل ثَقِيل:
ثَقِيل يُطَالِعُنا من أمَمْ
***
إذا سره رغم أنفي ألم
أقوله له إذا بَدَا لا بَدَا
***
ولا حملته إلينا قدم
فَقدتُ خيالَك لا مِن عَمىٍ
***
وصوت كلامك لا من صمم
وله فيه:
وما أظنَ القِلاَصَ مُنْجِيتي
***
منك ولا الفلك أيها الرجل
ولو رَكِبْت البرَاق أدْرَكني
***
منك على نَأي دَارِك الثَقَل
هل لك فيما ملكته هِبةً
***
تَاخذه جُمْلة وتَرْتَحِل
وله فيه:
يا مَن على الجُلاس كالفَتْق
***
كلامُك التًخْديش في الحَلْق
هل لك في مالي وما قد حَوَت
***
يَدَاي من جِلٍّ ومن دق
تَأخُذه منّي كذا فِدْيةً
***
واذْهب ففي البُعد وفي السحْق
وله فيه:
ألا يا جبل المَقْت ال
***
ذي أرسىَ فما يَبْرحْ
لقد أكثرتُ تَفكِيري
***
فما أدْرِي لما تَصْلُحْ
فما تصلح أنْ تُهْجَىَ
***
ولا تَصلحُ أن تُمْدَح
أَهْدى رجلٌ من الثُقلاء إلى رجل من الظُرفاء جَمَلاَ، ثم نزَل عليه حتى أبْرمه، فقال فيه:
يا مبرماً أهدى جَمَلْ
***
خُذْ وانصرف ألفيْ جَمَل
قالَ وما أوْقارُها
***
قلتُ زَبِيبٌ وعَسَلْ
قال ومَن يَقُودها
***
قلتُ له ألْفَا رَجُل
قال ومَن يَسُوقها
***
قلتُ له ألْفَا بَطَل
قال وما لِباسُهم
***
قلتُ حُلِيً وحُلَل
قال وما سِلاحُهم
***
قلتُ سُيوف وأَسَل
قال عَبِيد لي إذن
***
قلتُ نَعم ثم خَوَل
قال بهذا فاكتُبوا
***
إذن عليكم لي سِجل
قلت له ألْفي سِجل
***
فاضمَنْ لنا أن تَرْتَحل
قال وقد أضجرتُكم
***
قلتُ أَجَل ثم أَجل
قال وقد أبرَمتُكم
***
قلتُ له الأمر جَلَل
قال وقد أثقلتكم
***
قلتُ له فوق الثَقل
قال فإني راحلٌ
***
قلتُ العَجَلِ ثم العَجَل
يا كوكبَ الشُؤم ومَن
***
أرْبَى على نحْس زُحَل
يا جبلاً مِن جَبَلٍ
***
في جَبَلٍ فوق جبَل
وقال الحَمْدوني في رجل بَغِيض مَقِيت:
أيابن البَغِيضة وابن البَغِيضِ
***
ومَن هو في البُغض لا يُلْحَق
سألتًك بالله إلا صَدَقْت
***
وعِلْمي بأنكَ لا تَصدق
أتبغضُ نَفسك مِن بُغضها
***
وإلا فأنتَ إذن أحْمَقُ
وله فيه:
في حمير الناس إن كُن
***
تَ من الناس تُعَدُّ
ولقد أُنبئت:
إبلي
***
س إذا راك يَصُد
ولحبيب الطائي في مثله، أي في رجل مَقِيت:
يا مَن تَبَرَّمت الدنيا بطَلعته
***
كما تَبَرَّمت الأجفان بالرَّمدِ
يَمشي على الأرض مختالا فأَحْسِبه
***
لبُغْض طَلعته يَمشي على كَبِدي
لو أنّ في الأرض جُزءاً من سَماجتِه
***
لم يَقْدَم الموْتُ إشفاقاً على أحد
وللحسن بن هانئ في الفضل الرًقاشيّ:
رأيتُ الرقاشيِّ في مَوْضِع
***
وكان إليَّ بغيضاً مقيتا
فقال اقترِح بعض ما تَشْتَهِي
***
فقلتُ اقترحتُ عليك السُّكوتا
وأنشد الشَعبيُّ:
إنّي بُلِيتُ بمَعشر
***
نَوْكَى أخفهمُ ثقيلْ
بُلْهٌ إذَا جالستهُم
***
صَدِئَتْ لقُرْبهمُ العُقول
لا يُفْهموني قولهم
***
ويَدِقُّ عنهم ما أقول
فَهُمُ كثِيرٌ بي كما
***
أنيِّ بقُرْبهم قليل
وقال العُتْبيّ:
كتب الكِسائيّ إلى الرّقاشي:
شَكَوْتَ إلينا مَجَانينَكم
***
وأشْكُو إليك مَجَانيننا
وأنشأتَ تَذْكر قُذّاركم
***
فأنتِنْ وأَقْذِرْ بمَنْ عِنْدنا
فلَوْلا السَّلامة كُنًا كَهُم
***
ولوْلا البَلاء لكانوا كَنَا
وقال حبيب الطائي:
وصاحبٍ لي مَلِلت صُحبَته
***
أفقَدَني اللهّ شَخْصَه عَجِلاَ
سَرَقْتًُ سِكِّينه وخاتَمه
***
أقطع ما بيننا فما فَعلا
وقال حبيب:
يا مَن لهُ في وَجْهه إذ بَدَا
***
كنُوز قارُون من البُغْض
لو فر شيء قطٌّ مِن شكله
***
فرَّ إذاً بعضك من بَعْض
كوْنُك في صُلْبِ أبينا، الّذِي
***
أهبطنا جمعاً إلى الأرْض
وقال أبو حاتم:
وأنشدني أبو زَيْد الأنصاريّ النًحوي صاحبُ النَّوادر:
وَجْهُ يحيى يدْعو إلى البَصْق فيه
***
غير أنِّي أَصون عنه بُصاقي
قال أبو حاتم:
وأنشدني العُتبيّ:
له وَجْه يَحلّ البَصقُ فيه
***
ويَحْرُم أن يُلقَّى بالتَّحيَّة
قال وأنشدني:
قميصُ أبي أميِّة ما عَلِمتم
***
وأوْسَخُ منه جِلْدُ أبي أُمَيَّه
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الياقوتة في العلم والأدب ﴿ 29 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞