باب التحريم بخمس رضعات باب التحريم بخمس رضعات
باب التحريم بخمس رضعات
2634- وَقَوْلهَا: «فَتُوُفِّيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأ» هُوَ بِضَمِّ الْيَاء مِنْ (يَقْرَأ) وَمَعْنَاهُ أَنَّ النَّسْخ بِخَمْس رَضَعَاتٍ تَأَخَّر إِنْزَالُهُ جِدًا حَتَى أَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم تُوفِي وَبَعْض النَّاس يَقْرَأ خَمْس رَضَعَات وَيَجْعَلهَا قُرْآنًا مَتْلُوًّا لِكَوْنِهِ لَمْ يَبْلُغهُ النَّسْخ لِقُرْبِ عَهْده فَلَمَّا بَلَغَهُمْ النَّسْخ بَعْد ذَلِكَ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يُتْلَى.
وَالنَّسْخ ثَلَاثَة أَنْوَاع أَحَدهَا مَا نُسِخَ حُكْمه وَتِلَاوَته كَعَشْرِ رَضَعَات، وَالثَّانِي مَا نُسِخَتْ تِلَاوَته دُون حُكْمه كَخَمْسِ رَضَعَات وَالشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا، وَالثَّالِث مَا نُسِخَ حُكْمه وَبَقِيَتْ تِلَاوَته وَهَذَا هُوَ الْأَكْثَر وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ} الْآيَة وَاَللَّه أَعْلَم.
حَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ عَلِيّ وَابْن مَسْعُود وَابْن عُمَر وَابْن عَبَّاس وَعَطَاء وَطَاوُسٍ وَابْن الْمُسَيِّب وَالْحَسَن وَمَكْحُول وَالزُّهْرِيّ وَقَتَادَة وَالْحَكَم وَحَمَّاد وَمَالِك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْرِيّ وَأَبِي حَنِيفَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ.
وَقَالَ أَبُو ثَوْر وَأَبُو عُبَيْد وَابْن الْمُنْذِر وَدَاوُد: يَثْبُت بِثَلَاثِ رَضَعَات وَلَا يَثْبُت بِأَقَلّ.
فَأَمَّا الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقُوهُ فَأَخَذُوا بِحَدِيثِ عَائِشَة خَمْس رَضَعَات مَعْلُومَات، وَأَخَذَ مَالِك قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}، وَلَمْ يَذْكُر عَدَدًا، وَأَخَذَ دَاوُدَ بِمَفْهُومِ حَدِيث: «لَا تُحَرِّم الْمَصَّة وَالْمَصَّتَانِ» وَقَالَ: هُوَ مُبَيِّن لِلْقُرْآنِ.
وَاعْتَرَضَ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ عَلَى الْمَالِكِيَّة فَقَالُوا: إِنَّمَا كَانَتْ تَحْصُل الدَّلَالَة لَكُمْ لَوْ كَانَتْ الْآيَة وَاَللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ أُمَّهَاتكُمْ.
وَاعْتَرَضَ أَصْحَاب مَالِك عَلَى الشَّافِعِيَّة بِأَنَّ حَدِيث عَائِشَة هَذَا لَا يُحْتَجّ بِهِ عِنْدكُمْ وَعِنْد مُحَقِّقِي الْأُصُولِيِّينَ لِأَنَّ الْقُرْآن لَا يَثْبُت بِخَبَرِ الْوَاحِد، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ قُرْآنًا لَمْ يَثْبُت بِخَبَرِ الْوَاحِد عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ خَبَر الْوَاحِد إِذَا تَوَجَّهَ إِلَيْهِ قَادِح وُقِفَ عَنْ الْعَمَل بِهِ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَجِئ إِلَّا بِآحَادٍ مَعَ أَنَّ الْعَادَة مَجِيئُهُ مُتَوَاتِرًا تُوجِب رِيبَة وَاَللَّه أَعْلَم.
وَاعْتَرَضَتْ الشَّافِعِيَّة عَلَى الْمَالِكِيَّة بِحَدِيثِ: «الْمَصَّة وَالْمَصَّتَانِ» وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ بَاطِلَة لَا يَنْبَغِي ذِكْرهَا لَكِنْ نُنَبِّه عَلَيْهَا خَوْفًا مِنْ الِاغْتِرَار بِهَا، مِنْهَا أَنَّ بَعْضهمْ اِدَّعَى أَنَّهَا مَنْسُوخَة وَهَذَا بَاطِل لَا يَثْبُت بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضهمْ زَعَمَ أَنَّهُ مَوْقُوف عَلَى عَائِشَة وَهَذَا خَطَأ فَاحِش بَلْ قَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِم وَغَيْره مِنْ طُرُق صِحَاح مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَة عَائِشَة وَمِنْ رِوَايَة أُمّ الْفَضْل وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضهمْ زَعَمَ أَنَّهُ مُضْطَرِب وَهَذَا غَلَط ظَاهِر وَجَسَارَة عَلَى رَدّ السُّنَن بِمُجَرَّدِ الْهَوَى وَتَوْهِين صَحِيحهَا لِنُصْرَةِ الْمَذَاهِب.
وَقَدْ جَاءَ فِي اِشْتِرَاط الْعَدَد أَحَادِيث كَثِيرَة مَشْهُورَة وَالصَّوَاب اِشْتِرَاطه قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: وَقَدْ شَذَّ بَعْض النَّاس فَقَالَ: لَا يَثْبُت الرَّضَاع إِلَّا بِعَشْرِ رَضَعَات وَهَذَا بَاطِل مَرْدُود وَاَللَّه أَعْلَم.
باب التحريم بخمس رضعات
باب التحريم بخمس رضعات
باب التحريم بخمس رضعات