📁 آخر الأخبار

بسط المعدلة ورد المظالم بسط المعدلة ورد المظالم

 

بسط المعدلة ورد المظالم

بسط المعدلة ورد المظالم


الشيباني قال:

 حدثنا محمد بن زكريا عن عباس بن الفضل الهاشمي عن قحطبة بن حميد قال:

 إني لواقف على رأس المأمون يوماً وقد جلس للمظالم، فكان آخر من تقدم إليه - وقد هم بالقيام - امرأة عليها هيئة السفر، وعليها ثياب رثة، فوقفت بين يديه فقالت:

 السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فنظر المأمون إلى يحيى بن أكثم. فقال لها يحيى:

 وعليك السلام يا أمة الله، تكلمي بحاجتك. فقالت:


يا خير منتصف يهدى له الرشد

***

 ويا إماماً به قد أشرق البلد

تشكو إليك عميد القوم أرملةعدى عليها فلم يترك لها سبد

وابتز مني ضياعي بعد منعتها

***

 ظلما وفرق مني الأهل والولد

فأطرق المأمون حيناً، ثم رفع رأسه إليها وهو يقول:


في دون ما قلت زال الصبر والجلد

***

 عني وأقرح مني القلب والكبد

هذا أذان صلاة العصر فانصرفي

***

 وأحضري الخصم في اليوم الذي أعد

فالمجلس السبت إن يقض الجلوس لناننصفك منه وإلا المجلس الأحد

قال:

 فلما كان يوم الأحد جلس، فكان أول من تقدم إليه تلك المرأة، فقالت:

 السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فقال:

 وعليك السلام ثم قال:

 أين الخصم؟ فقالت:

 الواقف على رأسك يا أمير المؤمنين - وأومأت إلى العباس ابنه - فقال:

 يا أحمد بن أبي خالد، خذ بيده فأجلسه معها مجلس الخصوم. فجعل كلامها يعلو كلام العباس. فقال لها أحمد بن أبي خالد:

 يا أمة الله، إنك بين يدي أمير المؤمنين، وإنك تكلمين الأمير، فاخفضي من صوتك. فقال المأمون:

 دعها يا أحمد، فإن الحق أنطقها والباطل أخرسه. ثم قضى لها برد ضيعتها إليها، وظلم العباس بظلمه لها، وأمر بالكتاب لها إلى العامل الذي ببلدها أن يوغر لها ضيعتها ويحسن معاونتها، وأمر لها بنفقة.

العتبي قال:

 إني لقاعد عند قاضي هشام بن عبد الملك إذ أقبل إبراهيم ابن محمد بن طلحة وصاحب حرس هشام حتى قعدا بين يديه، فقال:

 إن أمير المؤمنين جراني في خصومة بينه وبين إبراهيم. فقال القاضي شاهديك على الجراية. فقال:

 أتراني قلت على أمير المؤمنين ما لم يقل، وليس بيني وبينه إلا هذه السترة! قال:

 لا، ولكنه لا يثبت الحق لك ولا عليك إلا ببينة. قال:

 فقام الحرسي فدخل على هشام فأخبره. فلم نلبث أن تقعقعت الأبواب وخرج الحرسي، وقال:

 هذا أمير المؤمنين. وخرج هشام، فلما نظر إليه القاضي قام، فأشار إليه وبسط له مصلى، فقعد عليه وإبراهيم بين يديه. وكنا حيث نسمع بعض كلامهم ويخفى عنا بعضه قال:

 فتكلما وأحضرا البينة، فقضى القاضي على هشام بن عبد الملك. فتكلم إبراهيم بكلمة فيها بعض الخرق فقال:

 الحمد لله الذي أبان للناس ظلمك. فقال له هشام:

 هممت أن أضربك ضربة ينتثر منها لحمك عن عظمك. قال:

 أما والله لئن فعلت لتفعلنه بشيخ كبير السن قريب القرابة واجب الحق. فقال هشام:

 يا إبراهيم، استرها علي. قال:

 لا ستر الله علي إذا ذنبي يوم القيامة إن سترتها. قال:

 فإني معطيك عليها مائة ألف. قال إبراهيم:

 فسترتها عليه أيام حياته ثمناً لما أخذت منه، وأذعتها بعد مماته تزيينا له.

قال:

 وورد على الحجاج بن يوسف سليك بن سلكة، فقال:

 أصلح الله الأمير، أرعني سمعك، واغضض عني بصرك، واكفف عني غربك. فإن سمعت خطأ أو زللا فدونك والعقوبة. قال:

 قل. فقال:

 عصى عاص من عرض العشيرة فحلق على اسمي، وهدم منزلي وحرمت عطائي. قال:

 هيهات! أو ما سمعت قول الشاعر:


جانيك من يجني عليك وقد

***

 تعدي الصحاح مبارك الجرب

ولرب مأخوذ بذنب عشيرة

***

 ونجا المقارف صاحب الذنب

فقال:

 أصلح الله الأمير، إني سمعت الله عز وجل يقول غير هذا. قال:

 وما ذاك؟ قال:

 قال الله تعالى:

 " يا أيها العزيز إن له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين. قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون " . قال الحجاج:

 علي بيزيد بن أبي مسلم. فمثل بين يديه. فقال:

 افكك لهذا عن اسمه، واصكك له بعطائه، وابن له منزل، ومر مناديا ينادي:

 صدق الله وكذب الشاعر.

وقال معاوية:

 إني لأستحي أن أظلم من لا يجد علي ناصراً إلا الله.

وكتب إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله بعض عماله يستأذنه في تحصين مدينته. فكتب إليه:

 حصنها بالعدل، ونق طرقها من الظلم.

وقال المهدي للربيع بن أبي الجهم، وهو والي أرض فارس:

 يا ربيع، آثر الحق، والزم القصد، وابسط العدل، وارفق بالرعية، واعلم أن أعدل الناس من أنصف من نفسه، وأظلمهم من ظلم الناس لغيره.

وقال ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة قال:

 استعمل ابن عامر عمرو بن أصبغ على الأهواز، فلما عزله، قال له:

 ما جئت به؟ قال له:

 ما معي إلا مائة درهم وأثواب. قال:

 كيف ذلك؟ قال:

 أرسلتني إلى بلد أهله رجلان:

 رجل مسلم له ما لي وعليه ما علي، ورجل له ذمة الله ورسوله، فوالله ما دريت أين أضع يدي. قال:

 فأعطاه عشرين ألفاً.

وقال جعفر بن يحيى:

 الخراج عمود الملك، وما استغزر بمثل العدل، وما استغزر بمثل الظلم.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم:

 الظلم ظلمات يوم القيامة.

بسط المعدلة ورد المظالم بسط المعدلة ورد المظالم

۞۞۞۞۞۞۞۞

 كتاب اللؤلؤة في السلطان ﴿ 6 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞۞۞

بسط المعدلة ورد المظالم بسط المعدلة ورد المظالم

تعليقات