باب العمل بالحاق القايف الولد باب العمل بالحاق القايف الولد
باب العمل بالحاق القايف الولد
2647- قَوْله: «عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيَّ مَسْرُورًا تَبْرُق أَسَارِير وَجْهه فَقَالَ: أَلَمْ تَرِي أَنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيْد بْن حَارِثَة وَأُسَامَة بْن زَيْد فَقَالَ إِنَّ بَعْض هَذِهِ الْأَقْدَام لَمِنْ بَعْض؟» قَالَ أَهْل اللُّغَة قَوْله: (تَبْرُق)، بِفَتْحِ التَّاء وَضَمّ الرَّاء أَيْ تُضِيء وَتَسْتَنِير مِنْ السُّرُور وَالْفَرَح و(الْأَسَارِير) هِيَ الْخُطُوط الَّتِي فِي الْجَبْهَة وَاحِدهَا سِرّ وَسُرُور وَجَمْعه أَسْرَار وَجَمْع الْجَمْع (أَسَارِير) وَأَمَّا (مُجَزِّز) فَبِمِيمٍ مَضْمُومَة ثُمَّ جِيم مَفْتُوحَة ثُمَّ زَاي مُشَدَّدَة مَكْسُورَة ثُمَّ زَاي أُخْرَى هَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور، وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ الدَّارَقُطْنِيِّ وَعَبْد الْغَنِيّ أَنَّهُمَا حَكَيَا عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ أَنَّهُ بِفَتْحِ الزَّاي الْأُولَى وَعَنْ اِبْن عَبْد الْبَرّ وَأَبِي عَلِيّ الْغَسَّانِيّ أَنَّ جُرَيْجًا قَالَ: أَنَّهُ (مُحْرِز) بِإِسْكَانِ الْحَاء الْمُهْمَلَة وَبَعْدهَا رَاء وَالصَّوَاب الْأَوَّل.
وَمَعْنَى نَظَرَ آنِفًا أَيْ قَرِيبًا وَهُوَ بِمَدِّ الْهَمْزَة عَلَى الْمَشْهُور وَبِقَصْرِهَا وَقُرِئَ بِهِمَا فِي السَّبْع قَالَ الْقَاضِي: قَالَ الْمَازِرِيّ: وَكَانَتْ الْجَاهِلِيَّة تَقْدَح فِي نَسَب أُسَامَة لِكَوْنِهِ أَسْوَد شَدِيد السَّوَاد وَكَانَ زَيْد أَبْيَض، كَذَا قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَد بْن صَالِح، فَلَمَّا قَضَى، هَذَا الْقَائِف بِإِلْحَاقِ نَسَبه مَعَ اِخْتِلَاف اللَّوْن وَكَانَتْ الْجَاهِلِيَّة تَعْتَمِد قَوْل الْقَائِف فَرِحَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ زَاجِرًا لَهُمْ عَنْ الطَّعْن فِي النَّسَب قَالَ الْقَاضِي: قَالَ غَيْر أَحْمَد بْن صَالِح: كَانَ زَيْد أَزْهَر اللَّوْن وَأُمّ أُسَامَة هِيَ أُمّ أَيْمَن وَاسْمهَا (بَرَكَة) وَكَانَتْ حَبَشِيَّة سَوْدَاء.
قَالَ الْقَاضِي: هِيَ بَرَكَة بِنْت مُحْصَن بْن ثَعْلَبَة بْن عَمْرو بْن حُصَيْن بْن مَالِك بْن سَلَمَة بْن النُّعْمَان وَاَللَّه أَعْلَم.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْعَمَل بِقَوْلِ الْقَائِف، فَنَفَاهُ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْرِيّ وَإِسْحَاق وَأَثْبَتَهُ الشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء وَالْمَشْهُور عَنْ مَالِك إِثْبَاته فِي الْإِمَاء وَنَفيه فِي الْحَرَائِر، وَفِي رِوَايَة عَنْهُ إِثْبَاته فيهمَا.
وَدَلِيل الشَّافِعِيّ حَدِيث مُجَزِّز لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرِحَ لِكَوْنِهِ وَجَدَ فِي أُمَّته مَنْ يُمَيِّز أَنْسَابهَا عِنْد اِشْتِبَاههَا وَلَوْ كَانَتْ الْقِيَافَة بَاطِلَة لَمْ يَحْصُل بِذَلِكَ سُرُوره.
وَاتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِالْقَائِفِ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَط فيه الْعَدَالَة وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يُكْتَفَى بِوَاحِدٍ؟ وَالْأَصَحّ عِنْد أَصْحَابنَا الِاكْتِفَاء بِوَاحِدٍ، وَبِهِ قَالَ اِبْن الْقَاسِم الْمَالِكِيّ.
وَقَالَ مَالِك: يُشْتَرَط اِثْنَانِ، وَبِهِ قَالَ بَعْض أَصْحَابنَا.
وَهَذَا الْحَدِيث يَدُلّ لِلِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابنَا فِي اِخْتِصَاصه بِبَنِي مُدْلِج، وَالْأَصَحّ أَنَّهُ لَا يَخْتَصّ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَط أَنْ يَكُون خَبِيرًا بِهَذَا مُجَرِّبًا وَاتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِالْقَائِفِ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَكُون فِيمَا أَشْكَلَ مِنْ وَطْأَيْنِ مُحْتَرَمَيْنِ كَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِع يَطَآنِ الْجَارِيَة الْمَبِيعَة فِي طُهْر قَبْل الِاسْتِبْرَاء مِنْ الْأَوَّل، فَتَأْتِي بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُر فَصَاعِدًا مِنْ وَطْء الثَّانِي، وَلِدُونِ أَرْبَع أَشْهُر مِنْ وَطْء الْأَوَّل، وَإِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْقَائِف فَأَلْحَقهُ بِأَحَدِهِمَا لَحِقَ بِهِ، فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا تَرَكَ الْوَلَد حَتَّى يَبْلُغ، فَيُنْتَسَب إِلَى مَنْ يَمِيل إِلَيْهِ مِنْهُمَا.
وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا فَمَذْهَب عُمَر بْن الْخَطَّاب وَمَالِك وَالشَّافِعِيّ أَنَّهُ يَتْرُكهُ يَبْلُغ فَيُنْتَسَب إِلَى مَنْ يَمِيل إِلَيْهِ مِنْهُمَا.
وَقَالَ أَبُو ثَوْر وَسَحْنُون: يَكُون اِبْنًا لَهُمَا.
وَقَالَ الْمَاجِشُونِ وَمُحَمَّد بْن مَسْلَمَة الْمَالِكِيَّانِ: يَلْحَق بِأَكْثَرِهِمَا لَهُ شَبَهًا قَالَ اِبْن مَسْلَمَة: إِلَّا أَنْ يَعْلَم الْأَوَّل فَيَلْحَق بِهِ.
وَاخْتَلَفَ النَّافُونَ لِلْقَائِفِ فِي الْوَلَد الْمُتَنَازِع فيه، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: يَلْحَق بِالرَّجُلَيْنِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فيه وَلَوْ تَنَازَعَ فيه اِمْرَأَتَانِ لَحِقَ بِهِمَا.
قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمَّد: يَلْحَق بِالرَّجُلَيْنِ وَلَا يَلْحَق إِلَّا بِامْرَأَةٍ وَاحِدَة.
وَقَالَ إِسْحَاق: يُقْرَع بَيْنهمَا.
باب العمل بالحاق القايف الولد
باب العمل بالحاق القايف الولد