باب في الفصاحة باب في الفصاحة
باب في الفصاحة باب في الفصاحة
محمدُ بن سِيرين قال:
ما رأيتُ عَلَى آمرأة أجملَ من شَحم، ولا رأيتُ عَلَى رَجُل أجمل من فصاحة.
وقال اللهّ تبارك وٍ تعالى فيما حكاه عنِ نبيّه موسى صلى الله عليه وسلم وآستيحاشه بعدم الفصاحة:
" وَأخي هرُون هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناَ فَأرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءَا يُصَدِّقُني " .
آفات المنطق
تكلّمَ ابن السماك يوماً وجارية له تسمع كلامه، فلما دخل قال لها:
كيف سمعت كلامي؟ قالت:
ما أحسنه لولا أنك تردده؛ قال:
أردّده ليفهمه من لم يفهمه؛ قالت:
إلى أن يفهمه من لم يفهمه يملّه من فَهِمَه.
" الأصمعي قال " :
قال مُعاوية يوماً لجلسائه:
أيّ الناس أفصح؟ فقال رجلٌ من السِّماط:
يا أميرَ المؤمنين، قوم قد ارتفعوا عن رُتَّة العراق، وتياسَرُوا عن كَشْكشة بكر، وتيامَنُوا عن:
شَنْشَنة تَغْلب، ليس فيهم غَمْغمة قُضاعة، ولا طمطمانيّة حِمْير.
قال:
مَن هم؟ قال:
قومُك يا أميرَ المؤمنين قُريش؛ قال:
صدقتَ، فمن أنت؟ قال:
مِن جَرْم قال الأصمعيّ:
جَرْم فُصْحَى الناس.
وهذا الحديث قد وقَع في فضائل قُريش، وهذا مَوْضعه أيضاً فأعدناه.
قال أبو العباس محمد بن يزيد النَحويّ. التَمتمة في المنطق:
التردُّد في التاء، والعُقْلة:
هي التواء اللسان عند إرادة الكلام؟ والحُبْسة:
تعذُر الكلام عند إرادته؛ واللفف:
إدخالُ حَرْف في حَرْف؟ والرُّتة:
كالرتَج تمنُع أول الكلام، فإِذا جاء منه شيء اتصل به " . والغَمْغمة:
أن تسمع الصوت ولا يَبِين لك تقطيعُ الحروف. وأما الرَتة:
فإنها تكون غريزية، وقال الراجز:
يأيُها المُخلّط الأرَتّ
ويقال إنها تكثر في الأشراف. وأما الغَمْغمة:
فإنها قد تكون من الكلام وغيره.
لأنها صَوتُ من لا يُفهم تقطيع حرُوفه.
قال عنترة:
" وصاحبِ ناديته فغَمْغما
***
يُريدُ لَبيك وما تكلَّما
قد صار من خوف الكلام أَعْجما "
والطمْطمة:
أن يكون الكلام مُشْبِهاً لكلام العجم؟ والُّلكنة:
أن تَعْترض في الكلام اللغةُ الأعجمية - وسنفسِّر هذا حرفاً حرفاً، وما قيل فيه إن شاء اللّه - واللَّثغة:
أن يُعدَل بحَرْف إلى حَرْف؛ والغُنّة:
أن يُشرب الحرفُ صوتَ الخَيْشوم؛ والخُنَة:
أشد منها؟ والزخيم:
حَذْف الكلام؛ والفأفأة:
التردد في الفاء:
يقال:
رجل فأفاء، تقديره فاعال، ونظيره من الكلام ساباط وخاتام، قال الراجز:
يامَيُّ ذات الجَوْرب المنشَقّ
***
أخذتِ خاتامِي بغَير حَقِّ
وقال آخر:
ليس بفأفاء ولا تَمتّام
***
ولا مُحبٍّ سَقَطَ الكلام
وأما كشْكشة تميم:
فإن بني عمرو بن تميم إذا ذَكرتْ كاف المؤنّث فوقفتْ عليها أبدلت منها شينا، لقُرب الشين من الكاف في المخرج، وقال راجزُهم:
هل لكِ أن تَنْتفعي وأنفعش
***
فتُدْخلين الَلذْ معي في الَّلذْ مَعَش
وأما كسكسة بكر. فقوم منهم يُبدلون من الكاف سينا كما فعل التميميون في الشين. وأما طمطمانية حِمْير:
ففيها يقول عَنترة:
تَأوي له قُلُص النَّعام كما أوَتْ
***
حِزَقٌ يمانِيَةٌ لأعجمَ طِمْطِم
وكان صُهيب أبو يحيى رحمه الله يَرْتضخ لُكْنة روميّة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
صُهيب سابق الروم.
وكان عبيد الله بن زياد يرتضخُ لكنة فارسية مِن قِبل زوج أُمه شيرويه الأسواريّ.
وكان زياد الأعجم، وهو رجل من بني عبد القيس. يَرْتضخ لكنة أعجمية، وأنشد المُهلّبَ في مَدْحه إياه:
فتى زاده السُّلتان في الحمد رغبةً
***
إذا غيَّر السُّلْتان كلَّ خَليل
بريد السلطان - وذلك أن بين التاء والطاء نسباً، لأن التاء من مخرج الطاء.
وأما الغُنة فتُستحسن من الجارية الحديثة السن. قال ابن الرّقاع " في الظبية " :
تُزْجِي أَغَنّ كأن إبرةَ رَوْقه
***
قلمٌ أصابَ من الدَّواة مِدَادها
وقال ابن المُقَفّع:
إذا كثر تَقْلِيب الِّلسان رقّت حواشيه ولانت عَذَبته.
وقال العتّابي:
إذا حُبس اللسانُ عن الاستعمال اشتدَّت عليه مخارج الحروف.
وقال الراجز:
كأن فيه لفَفَا إذا نطق
***
من طُول تَحْبِيس وهمّ وأرَقْ
باب في الفصاحة باب في الفصاحة
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الياقوتة في العلم والأدب ﴿ 86 ﴾ باب في الفصاحة باب في الفصاحة
باب في الفصاحة باب في الفصاحة
۞۞۞۞۞۞۞۞
باب في الفصاحة باب في الفصاحة