قد يعجبك ايضا
السعآية والبغي باب السعآية والبغي
السعآية والبغي باب السعآية والبغي
قال اللهّ تعالى ذِكْرُه:
" يَا أيُّهَا الناسُ إِنَمَا بَغْيًكُمْ على أنْفُسِكم " . وقال عزَ وجل:
" ثَم بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنًهُ الله " .
وقال الشاعر:
فلا تسبق إلى أحدٍ بِبَغْيٍ
***
فإِنَّ البَغْي مَصرعه وخيم
وقال العتَّابي:
بَغَيْت فلم تَقَع إلاّ صَرِيعاً
***
كذاك البَغْي يَصرع كلَّ باغِي
وقال المأمون يوماَ لبعض وَلده:
إياك وأن تُصْغي لاستماعٍ قول السُّعاة، فإنه ما سَعى رجلٌ برجل إلا انحطّ من قَدْرِه عندي ما لا يتلافاه أبداً.
ووقَّع في رُقعة ساعٍ:
سننظر أصدقتَ أم كنت من الكاذبين.
ووقّع في رًقعة رجل سعَى إليه ببعض عُمَّاله:
قد سَمِعنا ما ذكره الله عزَّ وجلَّ في كتابه، فانصرفْ رَحمك اللّه.
فكان إذا ذُكر عند السُّعاة، قال:
ما ظَنُّكم بقوْمٍ يَلعنهم الله على الصِّدق؟ وسعَى رجلٌ إلى بلال بن أبي بُردة، فقال له:
انصَرف حتى أَكْشِفَ عما ذكرت.
ثم كشف عن ذلك فإذا هو لغير رِشْدَة، فقال:
أنا أبو عمرو وما كَذبْتُ ولا كُذِبت.
حدثني أبي عن جدّي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
السًاعي لِغَيْر رِشْدة.
وسأل رجلٌ عبدَ الملك الخَلْوَة، فقال لأصحابه:
إذا شِئْتم فقُوموا. فلما تَهَيَّأَ الرجل للكلام، قال له:
إيّاك أن تَمْدحني، فأنا أعلم بنفسي منك، أو تَكْذِبني، فإنه لا رَأْي لكَذُوب، أو تَسْعى إليً بأحد، وإن شئتَ أَقلتُك؟ قال:
أَقِلْني.
ودخل رجلٌ على الوليد بن عبد الملك، وهو والي دِمشق لأبيه، فقال:
للأمير عندي نصيحة؟ فقال:
إِن كانت لنا فاذكُرْها، وإن كانت لِغَيرنا فلا حاجةَ لنا فيها؟ قال:
جارٌ لي عَصىَ وفَرَّ مِنْ بَعْثه؛ قال:
أما أنت فتُخبِر أنَّك جارُ سَوْء، وإِن شئتَ أرْسلنا معك، فإن كنتَ صادقاً أقصَيناك، وإِن كنتَ كاذباً عاقبناك، وإِن شئتَ تارَكناك، قال:
تَارِكْني.
وفي سِيَر العجم:
أنّ رجلاً وَشىَ برجل إلى الإسكندر، فقال:
أتًحِب أن تَقْبل مِنه عليك ومِنك عليه؟ قال:
لا، قال:
فكُفَّ الشر يُكَفُّ عنك الشرُّ.
وقال الشاعر:
إذا الواشي نَعَى يومًا صدِيقا
***
فلا تَدَع الصديق لقَوْلِ واشي
وقال ذو الرِّياستين:
قَبول النَّمِيمة شَرٌ من النميمة، لأنّ النميمة دِلالة، والقَبُول إجازة، وليس مَن دَلَّ على شيء كمن قَبِله وأجازه.
ذُكِر السُّعاة عند المأمون، فقال لرجل ممن حَضر،:
لو لم يكن من عَيْبهم إلا أنّهم أَصدق ما يكونون أبغضُ ما يكونون إلى الله تعالى " لكَفَاهُم " .
وعاتب مُصْعبُ بن الزبير الأحنفَ في شيء، فأنكره، فقال:
أَخْبَرني الثقةُ؛ قال:
كلا، إنّ الثقة لا يُبلغِ.
وقد جَعل اللهّ السامع شريك القائل. فقال:
" سًمّاعُون للكَذِب أَكَّالُون للسُّحْتِ " .
وقيل:
حَسْبك من شّرٍ سماعُه.
وقال الشاعر:
لَعمركَ ما سبَّ الأمير عدوُّه
***
ولكنَّما سَبَّ الأمير المُبَلغُ
وقال آخر:
لا تقبلنَّ نَميمةً بُلِّغتَها
***
وتحفَظَنَّ مِن الذي أنباكَهَا
إنّ الذي أنباك عنه نَميمةً
***
سَيَدِبُّ عنك بمثلها قد حاكها
لا تنقشنَّ برِجْل غيرك شَوْكةً
***
فَتَفي برِجْلك رجْلَ مَن قد شاكَها
وقال دِعْبل:
وقد قطَع الواشُون ما كان بَيننا
***
ونحنُ إلى أن نُوصِلَ الحَبلَ أحْوَجُ
رَأوْا عَوْرةً فاستَقْبلوها بألْبهِم
***
فلم يَنْههم حِلْمٌ ولم يَتحرجوا
وكانوا أناسا كنتُ آمنُ غيْبَهم
***
فراحُوا على ما لا نُحبّ فأدْلجوا
الغِيبَة
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
إذا قلتَ في الرجل ما فيه فقد اغتَبْته، وإذا قلتَ ما ليس فيه فقد بهَته:
ومرَّ محمدُ سِيرين بقوم، فقال إليه رجل منهم فقال:
أبا بكر، إنّا قد نِلْنا منك فحَلِّلنا؟ فقال:
" إني " ، لا أحِلّ لك ما حَرّم اللهّ عليك، " فأمّا ما كان إليَّ فهو لك " . وكان رَقَبة بن مَصْقلة جالساً مع أصحابه فذَكَروا رجلاً بشيء، فاطْلعَ ذلك الرجلُ، فقال " له " بعضُ أصحابه:
أَلا أخْبره بما قًلنا فيه لئلا تكون غِيبة؟ قال:
أخبره حتى تكون نميمة.
اغتاب رجلٌ رجلاً عند قُتيبة بن مُسلم، فقال له " قُتَيبة " :
أمْسك عليك أيها الرجل، فواللّه لقد تلَمَّظت بمُضْغة طالما لَفَظها الكِرام.
محمد بن مُسلم الطائفيّ قال:
جاء رجلٌ إلى ابن سِيرين، فقال له:
بَلغني أنك نِلْتَ منّي، قال:
نفسي أعزًّ " علي " ، من ذلك.
وقال رجل لبَكْر بن محمد بن عِصْمة:
بلَغني أنَّك تقع فيّ؟ قال:
أنتَ إذًا عليَّ أكرمِ من نفسي.
وَوقع رجلٌ في طَلْحَة والزُبير عند سَعد بن أبي وَقّاص، فقال له:
اسكُتْ، فإن الذي بيننا لم يَبْلُغ دينَنا.
وعاب رجلٌ رجلاً عند بعض الأشراف، فقال له:
قد استدللتُ على كَثرة عُيوبك بما تكثر من عُيوب الناس، لأن طالبَ العُيوب إِنما يَطْلبها بقَدر ما فيه منها، أما سمعتَ قولَ الشاعر:
لا تَهْتِكَنْ من مَساوي الناس ما سترُوا
***
فَيَهْتِكَ الله سِتْراً مِن مَساوِيكَا
واذكُرْ محَاسِنَ ما فيهم إذا ذُكِروا
***
ولا تَعِبْ أحداً منهم بما فِيكا
وقال آخر:
لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثْلَه
***
عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عَظيمُ
وابْدَأْ بنفسك فانهَها عنَ غَيِّها
***
فإِذا انتهت عنه فأنتَ حَكيمِ
وقال محمد بن السماك:
تَجَنَب القول في أخيكَ لخَلتين:
أمَّا واحدة، فعلَّك تعِيبه بشيءٍ هو فيك؟ وأما الأخرى، فإنْ يَكُن الله عافاك ممَّا ابتلاه به، كان شُكْرك الله على العافية تعبيراً لأخيك على البَلاء.
وقيل لبعض الحُكماء:
فلانٌ يَعِيبك؛ قال:
إنما يَقْرض الدَرهمَ الوازنُ.
" قيل لبُزَرْجَمُهر:
هل تعلم أحداً لا عيبَ فيه؟ قال:
إن الذي لا عيب فيه لا يموت " .
وقيل لعمرو بن عُبيد:
لقد وَقع فيك أيوب السِّخْتيانيّ حتى رَحمْناك؟ قال:
إياه فارحَمُوا. " وقال ابن عبَّاس:
اذكر أخاك إذا غاب عنك بما تحب أن يذكرك به، ودَع منه ما تُحِبُّ أن يَدَع منك.
وقَدم العلاء بن الحَضرميّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له:
هل تَرْوِي من الشعر شيئَاَ؟ قال:
نعم؟ قال:
فأنشِدني؟ فأنشِده:
تَحَببْ ذَوي الأضغان تَسْب نفوسَهم
***
تَحَببَك القُربَى فقد تُرْقع النَّعَلْ
وإن دَحسوا بالكُرْه فاَعفُ تكرُّمًا
***
وإن غَيَّبوا عنك الحديثَ فلا تَسَل
فإن الذي يُؤْذيك منه سماعُه
***
وإن الذي قالوا وراءك لم يُقل
فقال النبي عليه السلام:
إن من الشِّعر لَحِكْمة.
وقال الحسنُ البَصْرِي:
لا غِيبةَ في ثَلاثة:
فاسقٍ مُجاهر " بالفِسْقِ " ، وإمام جائر، وصاحب بِدْعة لم يَدَع بِدْعته.
وكتب الكِسائي إلى الرَّقاشي:
تركتَ المسجد آلْجَام
***
عَ والتَرك له ريبَهْ
فلا نافلةً تَقْضي
***
ولا تَقضي لمَكْتوبَه
وأخبارُكَ تَأْتينا
***
على الأعْلام مَنْصوبَه
فإنْ زِدْتَ من الغيَب
***
بة زِدْناك من الغِيبه
السعآية والبغي باب السعآية والبغي
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الياقوتة في العلم والأدب ﴿ 42 ﴾
۞السعآية والبغي باب السعآية والبغي۞۞۞۞۞۞۞